الحمد لله الذي ملأ قلوب أوليائه بمحبته,
واختص أرواحهم بشهود عظمته. وهيأ أسرارهم لحمل أعباء معرفته. فقلوبهم في روضات جنات معرفته يحبرون. وأرواحهم في رياض ملكوته يتنزهون. وأسرارهم في بحار جبروته يسبحون. فاستخرجت أفكارهم يواقيت العلوم. ونطقت ألسنتهم بجواهر الحكم ونتائج الفهوم. فسبحان من اصطفاهم لحضرته. واختصهم بمحبته. فهم بين سالك ومجذوب. ومحب ومحبوب. أفناهم في محبة ذاته. وأبقاهم بشهود آثار صفاته. والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد منبع العلوم والأنوار. ومعدن المعارف والأسرار. ورضى الله تعالى عن أصحابه الأبرار وأهل بيته الأطهار .
الطريق إلى الله
من أحب أن يفتح الله قلبه، ويرزقه العلم، فعليه بالخلوة وقلة الأكل، وترك مخالطة السفهاء وبعض أهل العلم الذي ليس معهم إنصاف ولا أدب
الشافعى رحمه الله
الذي يقبل على الطريق إلى الله وآدابه ينبغي له أن يتحلى بخصال وهى :
الجوع والسهر والصمت والعزلة
وباطنه الصدق والتوكل والصبر والعزيمة واليقين
ومطرود منه صاحب أربعة:
الهوى والدنيا والنفس والشيطان
و للوصول إلى القربات لابد من اجتياز ست عقبات :
العقبة الأولى فطم الجوارح عن المخالفات الشرعية
العقبة الثانية فطم النفس عن المألوفات العادية
العقبة الثالثة فطم القلب عن الرعونات البشرية
العقبة الرابعة فطم النفس عن الكدورات الطبيعية
العقبة الخامسة فطم الروح عن البخورات الحسية
العقبة السادسة فطم العقل عن الخيالات الوهمية
فتشرف من العقبة الأولى على ينابيع الحكم القلبية وتطلع من العقبة الثانية على أسرار العلوم اللدنية وتلوح لك في العقبة الثالثة أعلام المناجات الملكوتية ويلمع لك في العقبة الرابعة أنوار المنازلات القربية وتطلع لك في العقبة الخامسة أنوار المشاهدات الحبية وتهبط من العقبة السادسة على رياض الحضرة القدسية فهنالك تغيب بما تشاهده من اللطائف الأنسية عن الكثائف الحسية فإذا أرادك لخصوصيته الإصطفائية سقاك بكأس محبته شربة تزداد بتلك الشربة ظمأ وبالذوق شوقاً وبالقرب طلبا.
كيف الطريق إلى التحقيق:
قال لا تنظر إلى الخلق فإن النظر إليهم ظلمة قلت لا بد لي قال فلا تسمع كلامهم فإن كلامهم قسوة قلت لا بد لي قال فلا تعاملهم فإن معاملتهم خسران وحسرة ووحشة قلت أنا بين أظهرهم لا بد لي من معاملتهم قال فلا تسكن إليهم فإن السكون إليهم هلكة قلت هذا لعله يكون قال يا هذا تنظر إلى الاعبين وتسمع كلام الجاهلين وتعامل البطالين وتسكن إلى الهالكين وتريد أن تجد حلاوة الطاعة وقلبك مع غير الله هيهات هذا لا يكون أبداً
التجريد :
تجريد الظاهر هو ترك كل ما يشغل الجوارح عن طاعة الله وتجريد الباطن هو ترك كل ما يشغل القلب عن الحضور مع الله وتجريدهما هو أفراد القلب والقالب لله
آداب الفقير المتجرد:
قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي اله عنه آداب الفقير المتجرد أربعة الحرمة للأكابر والرحمة للأصاغر والإنصاف من نفسك وعدم الإنتصار لها
وآداب الفقير المتسبب أربعة
موالاة الأبرار ومجانية الفجار وإيقاع الصلاة في الجماعة ومواساة الفقراء والمساكين بما يفتح عليه
ثمار العزلة
وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه ثمار العزلة
الظفر بمواهب المنة وهي أربعة كشف الغطاء وتنزل الرحمة وتحقق المحبة ولسان الصدق في الكلمة قال الله تعالى فلما إعتزلهم وما يعبدون من دونا لله وهبنا له الآية
( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِياًّ ﴾.
وأعلم أن في الخلوة عشر فوائد
الأولى السلامة من آفات اللسان
الفائدة الثانية حفظ البصر والسلامة من آفات النظر
الفائدة الثالثة حفظ القلب وصوته عن الرياء والمداهنة وغيرهما من الأمراض
الفائدة الرابعة حصول الزهد في الدنيا والقناعة منها
الفائدة الخامسة السلامة من صحبة الأشرار ومخالطة الأرذال
الفائدة السادسة التفرغ للعبادة والذكر والعزم على التقوى والبر
الفائدة السابعة وجدان حلاوة الطاعات وتمكن لذيذ المناجات لفراغ سره
الفائدة الثامنة راحة القلب والبدن
الفائدة التاسعة صيانة نفسه ودينه من التعرض لشرور والخصومات التي توجبها الخلطة
الفائدة العاشرة التمكن من عبادة التفكر والاعتبار، وهو المقصود الأعظم من الخلوة .
والفكرة سير القلب إلى حضرة الرب
وهي على قسمين فكرة تصديق وإيمان وفكرة شهود وعيان على ما يأتي قلت لا شيء أنفع للقلب من عزلة مصحوبة بفكرة لأن العزلة كالحمية والفكرة كالدواء فلا ينفع الدواء من غير حمية ولا فائدة في الحمية من غير دواء فلا خير في عزلة لا فكرة فيها ولا نهوض لفكرة لا عزلة معها إذ المقصود من العزلة هو تفرغ القلب والمقصود من التفرغ هو جولان القلب وإشتغال الفكرة والمقصود من إشتعال الفكرة تحصيل العلم وتمكنه من القلب وتمكن العلم بالله من القلب هو دواؤه وغاية صحته وهو الذي سماه الله القلب السليم
قال الله تعالى في شأن القيامة
(يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )
أي صحيح وقد قالوا إن القلب كالمعدة إذا قويت عليها الأخلاط مرضت ولا ينفعها إلا الحمية وهي قلة موادها ومنعها من كثرة الأخلاط وفي الحديث المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء .
وصدق عيسى عليه السلام
لا تجالسوا الموتي فتموت قلوبكم قالوا من الموتى يا روح الله قال المحبون في الدنيا الراغبون فيها
وقال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى:
(وأما الخلوة ففائدتها دفع الشواغل، وضبط السمع والبصر، فإنهما دهليز القلب، والقلب في حكم حوض تنصب إليه مياه كريهة كدرة قذرة من أنهار الحواس. ومقصود الرياضة تفريغ الحوض من تلك المياه ومن الطين الحاصل منها؛ ليتفجر أصل الحوض، فيخرج منه الماء النظيف الطاهر. وكيف يصح له أن ينزح الماء من الحوض، والأنهار مفتوحة إليه؟ فيتجدد في كل حال أكثر مما ينقص. فلا بد من ضبط الحواس إلا عن قدر الضرورة، وليس يتم ذلك إلا بالخلوة)
وعندما يسلم من علله وأمراضه وتعلقاته ومشاغله، وخواطر الشيطان ووساوسه، يستحق نعيم قربه ويستعد لتلقي العلوم اللدنية، والأسرار الربانية، والنفحات النورانية
وقال الغزالي أيضاً:
(وانكشف لي في أثناء هذه الخلوات أُمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره ليُنتفعَ به، أني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقتهم أصْوَبُ الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق، بل لو جُمِع عقل العقلاء، وحكمة العلماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئاً من سَيْرِهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً، فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به)
(فإن المتأهب الطالب للمزيد، المتعرض لنفحات الجود بأسرار الوجود إذا لزم الخلوة والذكر، وفرَّغ المحل من الفكر، وقعد فقيراً لا شيء له عند باب ربه، حينئذ يمنحه الله تعالى، ويعطيه من العلم به والأسرار الإلهية والمعارف الربانية التي أثنى الله سبحانه بها على عبده خضر فقال:
{عبْداً مِنْ عِبادِنا آتيناهُ رحمَةً مِنْ عندِنا وعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا علماً} الكهف.
وقال تعالى: {واتَّقوا اللهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللهُ} البقرة.
قال تعالى: {إنْ تتَّقوا اللهَ يَجعَلْ لكُمْ فُرقاناً} الأنفال.
وقال: {ويجعلْ لَكُمْ نُوراً تمشونَ به} الحديد
وقيل للجنيد: بم نلت ما نلت؟
فقال: بجلوسي تحت تلك الدرجة ثلاثين سنة
وقال أبو يزيد:
أخذتم علمكم ميتاً عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت. فيحصل لصاحب الهمة في الخلوة مع الله وبه جلَّت هيبته وعظمت منته، من العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على البسيطة، بل كل صاحب نظر وبرهان، ليست له هذه الحالة)
الشيخ الإمام عماد الدين أحمد الواسطي:
(وليكن لنا جميعاً من الليل والنهار ساعة نخلو فيها بربنا جل اسمه وتعالى قدسه، نجمع بين يديه في تلك الساعة همومنا ونطرح أشغال الدنيا عن قلوبنا، فنزهد فيما سوى الله ساعة من نهار، فبذلك يعرف الإنسان حاله مع ربه، فمن كان له مع ربه حال، تحركت في تلك الساعة عزائمه، وابتهجت بالمحبة والتعظيم سرائره، وطالت إلى العلا زفراته وكوامنه. وتلك الساعة أنموذج لحالة العبد في قبره حين خلوه عن ماله وولده. فمن لم يخل قلبه لله ساعة من نهار لَمَا احتوشته من الهموم الدنيوية ذواتُ الآصار، فليعلم أنه ليس له ثَمَّ رابطة علوية، ولا نصيب من المحبة ولا المحبوبية، فليبك على نفسه، ولا يرض منها إلا بنصيب من قرب ربه وأُنسه. فإذا خلصت لله تلك الساعة؛ أمكن إيقاع الصلوات الخمس على نمطها من الحضور والخشية والهيبة للرب العظيم في السجود والركوع، فلا ينبغي أن نبخل على أنفسنا في اليوم والليلة من أربع وعشرين ساعة، بساعة لله الواحد القهار، نعبده فيها حق عبادته، ثم نجتهد على إيقاع الصلوات على ذلك النهج)
وصدق القائل
أحيانا أكون كالملاك ملازما للعبودية
وأحيانا كالحيوان أحيا على الطعام.
اللهم إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. آمين
واختص أرواحهم بشهود عظمته. وهيأ أسرارهم لحمل أعباء معرفته. فقلوبهم في روضات جنات معرفته يحبرون. وأرواحهم في رياض ملكوته يتنزهون. وأسرارهم في بحار جبروته يسبحون. فاستخرجت أفكارهم يواقيت العلوم. ونطقت ألسنتهم بجواهر الحكم ونتائج الفهوم. فسبحان من اصطفاهم لحضرته. واختصهم بمحبته. فهم بين سالك ومجذوب. ومحب ومحبوب. أفناهم في محبة ذاته. وأبقاهم بشهود آثار صفاته. والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد منبع العلوم والأنوار. ومعدن المعارف والأسرار. ورضى الله تعالى عن أصحابه الأبرار وأهل بيته الأطهار .
الطريق إلى الله
من أحب أن يفتح الله قلبه، ويرزقه العلم، فعليه بالخلوة وقلة الأكل، وترك مخالطة السفهاء وبعض أهل العلم الذي ليس معهم إنصاف ولا أدب
الشافعى رحمه الله
الذي يقبل على الطريق إلى الله وآدابه ينبغي له أن يتحلى بخصال وهى :
الجوع والسهر والصمت والعزلة
وباطنه الصدق والتوكل والصبر والعزيمة واليقين
ومطرود منه صاحب أربعة:
الهوى والدنيا والنفس والشيطان
و للوصول إلى القربات لابد من اجتياز ست عقبات :
العقبة الأولى فطم الجوارح عن المخالفات الشرعية
العقبة الثانية فطم النفس عن المألوفات العادية
العقبة الثالثة فطم القلب عن الرعونات البشرية
العقبة الرابعة فطم النفس عن الكدورات الطبيعية
العقبة الخامسة فطم الروح عن البخورات الحسية
العقبة السادسة فطم العقل عن الخيالات الوهمية
فتشرف من العقبة الأولى على ينابيع الحكم القلبية وتطلع من العقبة الثانية على أسرار العلوم اللدنية وتلوح لك في العقبة الثالثة أعلام المناجات الملكوتية ويلمع لك في العقبة الرابعة أنوار المنازلات القربية وتطلع لك في العقبة الخامسة أنوار المشاهدات الحبية وتهبط من العقبة السادسة على رياض الحضرة القدسية فهنالك تغيب بما تشاهده من اللطائف الأنسية عن الكثائف الحسية فإذا أرادك لخصوصيته الإصطفائية سقاك بكأس محبته شربة تزداد بتلك الشربة ظمأ وبالذوق شوقاً وبالقرب طلبا.
كيف الطريق إلى التحقيق:
قال لا تنظر إلى الخلق فإن النظر إليهم ظلمة قلت لا بد لي قال فلا تسمع كلامهم فإن كلامهم قسوة قلت لا بد لي قال فلا تعاملهم فإن معاملتهم خسران وحسرة ووحشة قلت أنا بين أظهرهم لا بد لي من معاملتهم قال فلا تسكن إليهم فإن السكون إليهم هلكة قلت هذا لعله يكون قال يا هذا تنظر إلى الاعبين وتسمع كلام الجاهلين وتعامل البطالين وتسكن إلى الهالكين وتريد أن تجد حلاوة الطاعة وقلبك مع غير الله هيهات هذا لا يكون أبداً
التجريد :
تجريد الظاهر هو ترك كل ما يشغل الجوارح عن طاعة الله وتجريد الباطن هو ترك كل ما يشغل القلب عن الحضور مع الله وتجريدهما هو أفراد القلب والقالب لله
آداب الفقير المتجرد:
قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي اله عنه آداب الفقير المتجرد أربعة الحرمة للأكابر والرحمة للأصاغر والإنصاف من نفسك وعدم الإنتصار لها
وآداب الفقير المتسبب أربعة
موالاة الأبرار ومجانية الفجار وإيقاع الصلاة في الجماعة ومواساة الفقراء والمساكين بما يفتح عليه
ثمار العزلة
وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه ثمار العزلة
الظفر بمواهب المنة وهي أربعة كشف الغطاء وتنزل الرحمة وتحقق المحبة ولسان الصدق في الكلمة قال الله تعالى فلما إعتزلهم وما يعبدون من دونا لله وهبنا له الآية
( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِياًّ ﴾.
وأعلم أن في الخلوة عشر فوائد
الأولى السلامة من آفات اللسان
الفائدة الثانية حفظ البصر والسلامة من آفات النظر
الفائدة الثالثة حفظ القلب وصوته عن الرياء والمداهنة وغيرهما من الأمراض
الفائدة الرابعة حصول الزهد في الدنيا والقناعة منها
الفائدة الخامسة السلامة من صحبة الأشرار ومخالطة الأرذال
الفائدة السادسة التفرغ للعبادة والذكر والعزم على التقوى والبر
الفائدة السابعة وجدان حلاوة الطاعات وتمكن لذيذ المناجات لفراغ سره
الفائدة الثامنة راحة القلب والبدن
الفائدة التاسعة صيانة نفسه ودينه من التعرض لشرور والخصومات التي توجبها الخلطة
الفائدة العاشرة التمكن من عبادة التفكر والاعتبار، وهو المقصود الأعظم من الخلوة .
والفكرة سير القلب إلى حضرة الرب
وهي على قسمين فكرة تصديق وإيمان وفكرة شهود وعيان على ما يأتي قلت لا شيء أنفع للقلب من عزلة مصحوبة بفكرة لأن العزلة كالحمية والفكرة كالدواء فلا ينفع الدواء من غير حمية ولا فائدة في الحمية من غير دواء فلا خير في عزلة لا فكرة فيها ولا نهوض لفكرة لا عزلة معها إذ المقصود من العزلة هو تفرغ القلب والمقصود من التفرغ هو جولان القلب وإشتغال الفكرة والمقصود من إشتعال الفكرة تحصيل العلم وتمكنه من القلب وتمكن العلم بالله من القلب هو دواؤه وغاية صحته وهو الذي سماه الله القلب السليم
قال الله تعالى في شأن القيامة
(يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )
أي صحيح وقد قالوا إن القلب كالمعدة إذا قويت عليها الأخلاط مرضت ولا ينفعها إلا الحمية وهي قلة موادها ومنعها من كثرة الأخلاط وفي الحديث المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء .
وصدق عيسى عليه السلام
لا تجالسوا الموتي فتموت قلوبكم قالوا من الموتى يا روح الله قال المحبون في الدنيا الراغبون فيها
وقال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى:
(وأما الخلوة ففائدتها دفع الشواغل، وضبط السمع والبصر، فإنهما دهليز القلب، والقلب في حكم حوض تنصب إليه مياه كريهة كدرة قذرة من أنهار الحواس. ومقصود الرياضة تفريغ الحوض من تلك المياه ومن الطين الحاصل منها؛ ليتفجر أصل الحوض، فيخرج منه الماء النظيف الطاهر. وكيف يصح له أن ينزح الماء من الحوض، والأنهار مفتوحة إليه؟ فيتجدد في كل حال أكثر مما ينقص. فلا بد من ضبط الحواس إلا عن قدر الضرورة، وليس يتم ذلك إلا بالخلوة)
وعندما يسلم من علله وأمراضه وتعلقاته ومشاغله، وخواطر الشيطان ووساوسه، يستحق نعيم قربه ويستعد لتلقي العلوم اللدنية، والأسرار الربانية، والنفحات النورانية
وقال الغزالي أيضاً:
(وانكشف لي في أثناء هذه الخلوات أُمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره ليُنتفعَ به، أني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقتهم أصْوَبُ الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق، بل لو جُمِع عقل العقلاء، وحكمة العلماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئاً من سَيْرِهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً، فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به)
(فإن المتأهب الطالب للمزيد، المتعرض لنفحات الجود بأسرار الوجود إذا لزم الخلوة والذكر، وفرَّغ المحل من الفكر، وقعد فقيراً لا شيء له عند باب ربه، حينئذ يمنحه الله تعالى، ويعطيه من العلم به والأسرار الإلهية والمعارف الربانية التي أثنى الله سبحانه بها على عبده خضر فقال:
{عبْداً مِنْ عِبادِنا آتيناهُ رحمَةً مِنْ عندِنا وعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا علماً} الكهف.
وقال تعالى: {واتَّقوا اللهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللهُ} البقرة.
قال تعالى: {إنْ تتَّقوا اللهَ يَجعَلْ لكُمْ فُرقاناً} الأنفال.
وقال: {ويجعلْ لَكُمْ نُوراً تمشونَ به} الحديد
وقيل للجنيد: بم نلت ما نلت؟
فقال: بجلوسي تحت تلك الدرجة ثلاثين سنة
وقال أبو يزيد:
أخذتم علمكم ميتاً عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت. فيحصل لصاحب الهمة في الخلوة مع الله وبه جلَّت هيبته وعظمت منته، من العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على البسيطة، بل كل صاحب نظر وبرهان، ليست له هذه الحالة)
الشيخ الإمام عماد الدين أحمد الواسطي:
(وليكن لنا جميعاً من الليل والنهار ساعة نخلو فيها بربنا جل اسمه وتعالى قدسه، نجمع بين يديه في تلك الساعة همومنا ونطرح أشغال الدنيا عن قلوبنا، فنزهد فيما سوى الله ساعة من نهار، فبذلك يعرف الإنسان حاله مع ربه، فمن كان له مع ربه حال، تحركت في تلك الساعة عزائمه، وابتهجت بالمحبة والتعظيم سرائره، وطالت إلى العلا زفراته وكوامنه. وتلك الساعة أنموذج لحالة العبد في قبره حين خلوه عن ماله وولده. فمن لم يخل قلبه لله ساعة من نهار لَمَا احتوشته من الهموم الدنيوية ذواتُ الآصار، فليعلم أنه ليس له ثَمَّ رابطة علوية، ولا نصيب من المحبة ولا المحبوبية، فليبك على نفسه، ولا يرض منها إلا بنصيب من قرب ربه وأُنسه. فإذا خلصت لله تلك الساعة؛ أمكن إيقاع الصلوات الخمس على نمطها من الحضور والخشية والهيبة للرب العظيم في السجود والركوع، فلا ينبغي أن نبخل على أنفسنا في اليوم والليلة من أربع وعشرين ساعة، بساعة لله الواحد القهار، نعبده فيها حق عبادته، ثم نجتهد على إيقاع الصلوات على ذلك النهج)
وصدق القائل
أحيانا أكون كالملاك ملازما للعبودية
وأحيانا كالحيوان أحيا على الطعام.
اللهم إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق