الثلاثاء، 14 يناير 2020

لا عبادة للأولياء

لا عبادة للأولياء..ولكن بيانا لفضائلهم، وبركة منازلهم!
حدثني - اليوم - مسؤول ديني ذو منصب كبير - واستحلفني ألا أذكر اسمه إذا رويت عنه في خواطري؛ لأنه يحب الستر، وهو ليس من الصوفية، بل لعله من المنكرين عليهم - أنه رأى فجر اليوم ، مسجد سيدي أحمد البدوي، كأنه روضة من رياض الجنة، ثم رآه في مشهد آخر على صورة الحرم المكي!
وحدثني أيضا أنه كان يصلي التراويح خلف إمام مشهور، فكان الإمام يقرأ في كل ركعة ربعا، وأنه انتهى إلى قول الله تعالى"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، فتكلم عنها في خاطرة بين التراويح، وحذر الناس من زيارة الأولياء، وأن زيارتهم شرك، إلى آخر هذا الهراء، ثم قام إلى الصلاة، فما استطاع أن يكمل آية إلا بسعال أو عطاس أو نحنحة، وأكمل ما تبقى من التراويح ببضع آيات!
ثم جاء في اليوم الثاني، فقال للناس: ظن البعض أن ما أصابني بالأمس إنما هو بسبب كلامي عن الأولياء، وهذا خطأ؛ لأن أي إنسان معرض لمثل هذا!
قلت: هذه مكابرة صريحة، ولولا شعوره بأن ما جرى له عقوبة من الله له على كلامه في أوليائه؛ ما نبه عليه، فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور!
وأنا أعرف هذا الإمام، وقد تقلبت به الدنيا، وأصابه منها ما أصابه، نسأل الله السلامة!
قال الرجل: وعندي من ذلك حكايات كثيرة، زادت من اعتقادي في كرامات الأولياء، وحسن طريقتهم، ولولا أني أخشى أن تذكر اسمي لحكيتها لك!
قلت: لك علي ألا أذكر اسمك، ولذكر الله أكبر.

تشرفت مرة بصحبة أستاذنا العارف بالله الشيخ عبد السلام أبي الفضل؛ لزيارة السيد أحمد البدوي، وكنت حريصا على أن أراه وهو يزور؛ لأتعلم منه آداب الزيارة المشروعة؛ لأن الشيخ كان متشرعا لأقصى درجة، فرأيته دخل، ووقف قبالة الضريح، وألقى السلام على السيد، بالصيغة الواردة في السلام على أهل القبور، ثم قرأ ما تيسر من القرآن، ثم توجه إلى القبلة بالدعاء، دون أن يطوف بالقبر، أو يمسه، أو يقبله، أو يلوح بيده، أو يفعل شيئا مما يفعله الناس عند زيارة الأولياء!
ولما حان وقت الصلاة خرج من المقام إلى المسجد، وصلى فيه!
وأردت أن أسأله عما فعل، من أين هو، فتذكرت أنه التلميذ الأجل الأوفى لشيخنا الخطيب رضي الله عنه، وقد قال شيخنا الخطيب، عن آداب زيارة القبر النبوي الشريف، في قصيدته المباركة(وحي الحديث)، وسميت بذلك؛ لأن معانيها مأخوذة من معاني الحديث الشريف:
إياك تقبيل الضريح ولمسه
أو لصق ظهرك فيه أو أحشاكا
أو أن تخل بواجبات عنده
أو أن يزيد الصوت عن نجواكا
أو أن تطوف به كطائف كعبة
حاشاه يرضاه وعنه نهاكا
واحذر غرورا بالألى فعلوا وما
راعوا لآداب الحنيف هناكا
وكان الشيخان الكريمان - رضي الله عنهما - من أعاظم شيوخ الصوفية المعاصرين تمسكا بآداب الشريعة، وحفظا لحدودها، واشتهر ذلك عنهما، وعن تلامذتهما، حتى قال لي بعض شيوخنا في العلم وفي الطريق، ممن كان يزور مقام السيد، ويطوف به، ويقبله، حين رآني لا أفعل مثله: لك العذر حقا؛ فأنت ابن مولانا الخطيب!
ما أحسن أن يكون شيخك في الطريقة؛ هو شيخك في الشريعة والحقيقة!
الدكتور محمد ابراهيم العشماوي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق