روي أن الإمام الشاذلي رضى الله عنه قال :إضطجعت يوماً في المسجد الأقصى بعد الصلاة فرأيت في المنام قد نُصِبَ
خارج الأقصى في وسـط الحرم فِسطاط كبير فدخل خلقٌ كثير أفواجاً أفواجا فقلت : ما هذا الجمع ؟! فقالوا : جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام قد حضروا .... فنظرتُ إلى التخت فإذا نبينا صلى الله عليه وسلّم جالس عليه بمفرده
وجميع الأنبياء يجلسون حوله على الأرض مِثل إبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم السـلام فوقفت أنظـر وأسـمع كلامهم" فخاطب سـيدنا مُوسى نبينا عليه الصلاة السـلام .... وقال: إنك قُلت أن علماء أمتك كأنبياء بني إسرائيل" فأرنا
أحدهم فقام النبي صلى الله عليه وسـلم وأشار للإمام الغزالي رحمه الله .. فسأله سيدنا موسـى سؤالاً فأجابه بعشرةِ أجوبة فاعترض عليه قائلاً بأن الجواب ينبغي أن يطابق السـؤال والسـؤال واحد وأجبت بعشرة فقال الإمام : هذا إعتراض
واردٌ عليك أيضاً حين سـألك الله عَزَّ وجَل {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يـا مُوسَـى } وكـان يجب أن يكون جَوابُك هي عصاي فقط" ولكنك أوردت صِفات كَثيرة قال: فابتسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال لسـيدنا موسى :أيوجد في أمتك حِبرٌ مثل
هذا فقال: اللهم لا .......... قال الإمام الشاذلي :فبينما أنـا مُتفكر فـي جلالةِ قَـدرِ سـيدنا محمد عليه الصلاة والسـلام كونه جالسـاً على التخت بُمفرده والخليل والكليم والروح جالسـون علـى الأرض ..إذ رفسني شخص برجله رفسة شديدة فانتبهت من نومي مَذهولاً فإذا هو القَيّّم المُكَلف
بإشـعَال قناديل الأقصى .. فقال لي: أتعجب مما رأيت !؟ إنـه سَـيَّدُهم ... والـكُل خُلقُوا مـن نـوره ويلتمسُون إمـداده .... فخررتُ مَغشِيَّاً عَلـيَّ فلما أقــامــوا الصـــلاة إستيقظت وبحَثّتُ عن الرجل فلم أجد له أثراً ولا خَبَر""...................
صلوا على شَفِيعِنا وَحَبِيبَ قُلوبِنا سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ❤️❤️❤️ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما تحب أن تصلي عليهم عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك صلاة ترضيك وترضيه وترضي بها عنا في كل لمحة ونفس في كل وقت وحين سعة علم الله العليم منذ خلقت الخلق وتدوم بدوام الله العظيم برحمتك يا أرحم الراحمين ❤️❤️❤️
حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله ( ٤٥٠ - ٥٠٥ )هجرية
سألت نفسي عن أسعد لحظة عشتها .. ؟؟
ومـر بخاطري شريط طويل من المَشاهِد ..
لحظة رأيت أول قصة تُنشر لي، ولحظة تخرجت من كلية الطب، ولحظة حصلت على جائزة الدولة في الأدب ..
ونشوة الحــب الأول و السفـر الأول والخروج إلى العالَم الكبير متجوِلًا بين ربوع غابات إفريقيا العذراء، وطائراً إلى ألمانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وإنجلترا وفرنسا وأمريكا ..
ولحظة قبضت أول ألف جنيه .. ولحظة وضعت أول لبنة في المركز الإسلامي بالدقي ..
استعرضت كل هذه المَشاهد وقلت في سِري .. لا .. ليست هذه ..
بل هي لحظة أخرى ذات مساء من عشرين عامًا اختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور حينما سجَدتُ لله فشعرت أن كل شيء في بدني يسجد ..
عظامي تسجد .. أحشائي تسجد .. عقلي يسجد .. ضميري يسجد .. روحي تسجد ..
حينما سَكَت داخلي القلق، وكَفَّ الاحتجاج، ورأيت الحكمة في العذاب فارتضيته، ورأيت كل فعل الله خيرا وكل تصريفه عدلا. وكل قضائه رحمة، وكل بلائه حبا..
لحظتها أحسست وأنا أسجد أني أعود إلى وطني الحقيقي الذي جئت منه وأدركت هويّتي وانتسابي وعرفت مَن أنا .. وأنه لا أنا .. بل هو .. ولا غيره ..
انتهى الكِبر وتبخر العِناد وسَكَن التمرد وانجابت غشاوات الظلمة وكأنما كنت أختنق تحت الماء ثم أخرجت رأسي فجأة من اللُجّة لأرى النور وأشاهد الدنيا وآخذ شهيقًا عميقًا وأتنفس بحرية وانطلاق .. وأي حرية .. وأي انطلاق ..
يا إلهي .. لكأنما كنت مبعَدًا منفيّاً .. مطرودًا أو سجينًا مكبلًا معتقلًا في الأصفاد ثم فُكَ سجني .. وكأنما كنت أدور كالدابة. على عينيها حجاب .ثم رُفِع الحجاب .
نعم .. لحظتها فقط تحررت .
نعم .. تلك كانت الحرية الحقّة .. حينما بلغت غاية العبودية لله .. وفككت عن يديَّ القيود التي تقيدني بالدنيا وآلهتها المزَيفة .. المال والمجد والشهرة والجاه والسلطة واللذة و الغَلَبة والقوة ..
وشعرت أني لم أعد محتاجًا لأحد ولا لشيء لأني أصبحت في كنَف مَلِك الملوك الذي يملك كل شيء .
كنت كفَرخْ الطَير الذي عاد إلى حضن أمه ..
كانت لحظة ولكن بطول الأبَد .. تأبدت في الشعور وفي الوجدان وألقَت بظلِها على ما بقيَ من عمر ولكنها لم تتكرر ..
فما أكثر ما سجدت بعد ذلك دون أن أبلغ هذا التَجَرُد والخُلوص .. وما أكثر ما حاولت دون جدوى .. فما تأتي تلك اللحظات بجهد العبد .. بل بفضل الرب ..
وإنما هو الذي يتقرب إلينا وهو الذي يتحبب إلينا .. وما نتعرف عليه إلا به .. وما نعبده لحظة تمام العِبادة إلا بمعونته .. وما ندخل عليه إلا بإذنه .. فهو العزيز المنيع الجناب الذي لا يُدخَل إليه بالدعاوَى و الأقاويل .
ولقد عرفت آنذاك أن تلك هي السعادة الحقّة .. وتلك هي جنة الأرض .. التي لا يساويها أي كسب مادي أو معنوي .
يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام .. { واسجد واقترب } العَلَق – 19 .
صدق الله العظيم ..
وما كل ساجدٍ بمقترِب إلا إذا خلع النعلين .. فألقى بالدنيا وراءه ثم ألقى بنفسه خلفها .. ودخل مسَلِّم القلب .. عريان المشاعر .. خاشع الفؤاد .. ساجد الأعضاء ..
حينئذٍ يكون القرب .. وتكون السجدة .
ولَكَم أتمنى أن أعاوِد تلك السجدة ... أو تعاودني تلك السجدة ..
ويتفضَل عليَّ الله بالقرب، ويأذن لي بالعبادة حق العبادة .. وأقول في نفسي أحيانًا .. لعلّي لم أعد أخلَع النعلين كما يجب وكما يليق بجلال المقام الأسمَى ..
ولعل الدنيا عادت فأخذتني في دوامتها، وعاد الحجاب فانسدَل على العينين، وعادت البشرية فناءت بثقلها وكثافتها على النفس الكليلة ..
ولكني لا أكُف عن الأمل .. وأسأل الله أن يشفع الأمل بالعمل .. سبحانه وَسِعَتْ رحمته كل شيء .
نحن لا نجد في عبادة الله ذُلاً بل تحرراً و كرامة .. تحرراً من كل عبوديات الدنيا .. تحرراً من الشهوات و الغرائز و الأطماع و المال .. و نحن نخاف الله فلا نعود نخاف أحداً بعده و لا نعود نعبأ بأحد ..خوف الله شجاعة و عبادته حرية و الذل له كرامة و معرفته يقين و تلك هي العبادة .
لن تدخل على الله في جماعة ولن تلقاه في شلّة وإنما كلهم آتيه يوم القيامة فردا ولن يستطيع أحد أن يلقي ذنبه على الآخر أو على الأسرة أو على المجتمع أو على البيئة فكل هذا لم يكن سوى ورقة امتحان التي أُريدَ بها
إخراج ما يكتمه في نفسه.
و لو تأملوا الموت لما تهالكوا على الحياة
و لو ذكروا الآخرة لفرُّوا فراراً إلى جناب ربهم.
د. مصطفى محمود
أسرار قصيدة البرده :
دخل أ. د.أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء في نوبة من البكاء أثناء حديثه عن قصيدة البرده للإمام البصيري رضى الله عنه وذكر أن لها بركات عظيمة ومنها أنه خلال مرض الدكتور خالد محمد خالد الكاتب الإسلامي بمرض الكبد، وكان يسافر إلى الخارج لتلقي العلاج، نصحه حتى الشيخ محمد الغزالي وأوصاه بقراءة بردة البوصيري التي شفى الله بها الإمام البوصيري، حتى طلب منه أن يشرح له البردة، قائلا: «د.خالد طلب مني شرح بردة البوصيري لطباعتها وعقد مجلس في منزله بحضور عدد من العلماء قرأوا البردة بإخلاص».
موضحاً: «بعد مرور قرابة 5 أيام اتصل بيا د.خالد محمد خالد وقالي مش هتيجوا تتغدوا عندي بقى»، فسألته: خير ولماذا؟، فرد قائلا: «ربنا شال الحملة بفضل البردة»، لافتا إلى أن بعض العلماء سمى البردة باسم البراءة.
يقول الإمام البوصيري رضى الله عنه :
ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﻧﻈﻤﺖ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﻣﺪﺡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ , ﺍﻟﻰ ﺃﻥ ﺩﺍﻫﻤﻨﻲ ﺍﻟﻔﺎﻟﺞ , ( ﺍﻟﺸﻠﻞ ﺍﻟﻨﺼﻔﻲ ) - ﻓﺄﺑﻄﻞ ﻧﺼﻔﻲ , ﻓﻜﺘﺒﺖ ﻗﺼﻴﺪﺗﻲ ﻫﺬﻩ وﺍﺳﺘﺸﻔﻌﺖ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻓﻴﻨﻲ , ﻭ ﻛﺮﺭﺕ ﺇﻧﺸﺎﺩﻫﺎ , ﻭ ﺩﻋﻮﺕ , ﻭ ﺗﻮﺳﻠﺖ , ﻭ ﻧﻤﺖ ﻓﺮﺃﻳﺖ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ ﻓﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻲ ﺑﻴﺪﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ , ﻭ ﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠﻲّ ﺑﺮﺩﺓ , ﻓﺎﻧﺘﺒﻬﺖ ﻭﻭﺟﺪﺕُ ﻓﻲّ ﻧﻬﻀﺔ , ﻓﻘﻤﺖ ﻭ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻲ , ﻭﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﻋﻠﻤﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺣﺪﺍً , ....
ﻓﻠﻘﻴﻨﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ : ( ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻌﻄﻴﻨﻲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺪﺣﺖ ﺑﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ) , ﻓﻘﻠﺖ : ( ﺃﻱ ﻗﺼﺎﺋﺪﻱ؟ ) ﻓﻘﺎﻝ : ( ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺸﺄﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺿﻚ ) , ﻭ ﺫﻛﺮ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ : ( ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻨﺸﺪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ , ﻭ ﺃﻋﺠﺒﺘﻪ ﻭ ﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﻧﺸﺪﻫﺎ ﺑﺮﺩﺓ ) ﻓﺄﻋﻄﻴﺘﻪ ﺇﻳﺎﻫﺎ . ﻭ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻭ ﺷﺎﻋﺖ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ . ولقد سميت القصيدة بالبردة نسبة إلى بردة النبي صلى الله عليه وسلم التي ألقاها على الإمام البوصيري.
والإمام البوصيري هو ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻔﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼﻨﻬﺎﺟﻲ ﺍﻟﺒﻮﺻﻴﺮﻱ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ .
ﺃﺻﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﻦ ﻗﻠﻌﺔ ﺣﻤﺎﺩ , ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﺒﻨﻲ ﺣﺒﻨﻮﻥ , ﻭﻟﺪ ﺑﻨﺎﺣﻴﺔ ( ﺩﻻﺹ ) ﺑﺼﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺜﻼﺛﺎﺀ ﺃﻭﻝ ﺷﻮﺍﻝ ﺳﻨﺔ 608 ﻫـ ﻭﻭﺍﻟﺪﻩ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺓ ﺑﻮﺻﻴﺮ ﺇﺣﺪﻯ ﻗﺮﻯ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ .
ﻋُﻨﻲ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﻮﺻﻴﺮﻱ ﺑﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭ ﺳﻴﺮﺗﻪ، ﻭﺃﻓﺮﻍ ﻃﺎﻗﺘﻪ ﻭﺃﻭﻗﻒ ﺷﻌﺮﻩ ﻭﻓﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻷﻋﻈﻢ ،
ﺗُﻌﺪ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ " ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺪﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﺡ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ " ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ " ﺍﻟﺒﺮﺩﺓ " ﺃﻫﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ . ﻭﻗﺪ ﻇﻠﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻣﺼﺪﺭ ﺇﻟﻬﺎﻡ ﻟﻠﺸﻌﺮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ، ﻳﺤﺬﻭﻥ ﺣﺬﻭﻫﺎ ﻭﻳﻨﺴﺠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮﺍﻟﻬﺎ، ﻭﻳﻨﻬﺠﻮﻥ ﻧﻬﺠﻬﺎ.
وﺗﻮﻓﻲ الإمام ﺍﻟﺒﻮﺻﻴﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺳﻨﺔ 696 ﻡ , ﻭ ﻟﻪ ﻗﺒﺮ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﻣﺴﺠﺪ ﻛﺒﻴﺮ , ﻭ ﻗﺪ ﻃﺮﺯﺕ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﻀﺮﻳﺢ ﻭ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﺄﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﺩﺓ ﻭ ﺑﺨﻂ ﺟﻤﻴﻞ , ﻭ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺠﺪ ﻭ ﻣﻘﺎﻡ ﺷﻴﺨﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﻟﻤﺮﺳﻲ رضى الله عنه .
الصدق إذا ما افتقدناه في حياتنا افتقدنا إتقان العمل، افتقدنا استقرار العقود بين الناس، افتقدنا العِشْرَة الحسنة بين الزوج وزوجه وبين الابن والأب، افتقدنا أشياء كثيرة ولذلك فالأخلاق تمثل خلفية ما هنالك من إيمانٍ وإسلام، فالإيمان والإسلام لا يظهر إلا إذا نهت الصلاة عن الفحشاء والمنكر، «الصدق فيه منجاتك ولو ظننت فيه هلاكك» وهذا كلام سيدنا عمر فيما أخرجه السري في كتابه «الزهد» وأسنده إليه «والكذب فيه هلاكك ولو ظننت فيه نجاتك».
ومن قصص الصالحين التي قد يتعجب منها بعضهم، وقد ينكرها آخرون أن الشيخ علي الخواص وكان من الصالحين، وكان من أهل القرآن يحفظ القرآن، وكان في غاية التواضع والرفق بالحيوان فكان يغسل مساقي الكلاب وراء مسجد سيدنا الحسين عند بيت القاضي بالليل حتى يشرب الكلب الضال منها في الصباح، وكان بالليل يذهب إلى مراحيض المساجد لينظفها تواضعاً لله وعملاً بأن النبي ﷺ كان يحب النظافة وهو الذي يقول فيما أخرجه الترمذي: «إن الله نظيف يحب النظافة» إلى هذا الحد أن يصف ربنا جل جلاله بالنظافة، وأنه يحب النظافة، كان الشيخ علي الخواص صادقاً مع ربه، صادقاً مع نفسه، متوكلاً، يرضى ويُسلِّم، ووثوقه بالله شديد وليس وثوقاً عابراً، كان الشيخ علي الخواص -رضي الله تعالى عنه- جاءه وهو يصنع الخوص ويصنع الحصر التي تُفرش بها المساجد شخص يجري وآخرون يتتبعونه حتى يؤذوه فقال له: يا سيدنا هل يوجد عندك مكان اختبئ فيه ؟ قال له: التف بهذه الحصيرة . فلف نفسه في الحصيرة حتى يختفي من هؤلاء المعتدين؛ فجاءوا فقالوا له: هل مر عليك شخص صفته كذا وكذا ؟ قال: نعم، مر عليَّ؛ قالوا: أين هو؟ قال: هو مختبئ في الحصيرة، فلم يصدقوه واعتقدوا انه يمزح معهم، فخرج الرجل وقال له: دلتهم عليَّ، قال له: والله يا ابني لو لم أقل ذلك لفتشوا الدكان وصدقي نجاك . من شدة الثقة بالله سبحانه وتعالى، بعض الناس لا يستوعب مثل هذا، ولكن هكذا كانوا، وبهذا وصلوا إلى القرب من الله سبحانه وتعالى ، فقضية الصدق قضية أساسية لابد علينا أن نؤمن بها وأنها من أركان الأخلاق.
أ.د. #علي_جمعة
يقول العلامة المحدث د.أحمد عمر هاشم :
كان الإمام محمد متولي الشعراوي يدرس في مكة المكرمة فجاء إليه بعض معارفه وكانوا في كرب عظيم وقالوا له : نريدك أن تذهب معنا إلى المدينة المنورة وتقف في الروضة الشريفة وتدعو الله لنا أن يفرج عنا
فوافق الشيخ الشعراوي وكتب إلى عميد الكلية أني قد عزمت السفر لزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاستدعاه العميد وقال له : لماذا تكتب هكذا بل أكتب لزيارة المدينة
فقال : لو كتبت هكذا لكنت خاسرا !!
لأن الصلاة في مكة بمائة ألف وفي المدينة بألف فكيف أترك المائة ألف واذهب الى الألف ..وإنما أنا ذاهب إلى من لولاه ماكانت الألف ولا المائة ألف ولا كانت المدينة حرما .
فقال له : أذهب
فذهب فلما وصل الى امام المواجهة الشريفة انشأ هذه الابيات
مولاي ضيفك من كل الدنا جاؤا
فامنن عليهم بما شاؤا لمن شاؤا
و فوق ما عرفوا من فضل ربهم
ما قد عرفت و كم لله آلاء
ناولهمو من فيوض الخير خصهمو
فأنت قاسمها .. و الله معطاء
ودعا الله تعالى ..
فما رجع الى مكة الا وقد فرج الله عنهم كربهم بفضله ومنته.
ومن كلمات أ. د أحمد عمر هاشم الذهبية
لا تخف من أي شيء روعك كن مع الله يكن ربى معك وإذا نابك كرب فاصطبر وأدعو مولاك وجفف أدمعك ما لنا إلا إله واحد فاسأل الكون وقل من أبدعك ؟! واسأل الطفل جنينا في الحشا من رعاك الآن من ذا أشبعك؟! واسأل البدر مطلا في الدجى باعثا أضواءه ما أروعك! واسأل الصبح تجلى مسفرا بعد ليل حالك من أطلعك؟! سل رسول الله قل يا مصطفى يا شفيع الخلق من قد شفعك ؟ إنه ربى إله واحد كن مع الله يكن ربى معك .
فقه الدعوة.. وفقه الواقع..تعليما وتدريبا!
لا زلت أحرص في محاضراتي على أن أغرس في نفوس طلابي فقه الدعوة إلى الله تعالى، وأرسخ فيهم مفاهيمه، وأشرح لهم أسسه، تقربا إلى الله تعالى، واستشعارا لأمانة المسؤولية عن هؤلاء الطلاب، فهم كأبنائي، فما أحب أن يصنع مع أبنائي أصنعه معهم؛ وغرضي أن أصنع منهم نماذج سوية نفسيا وفكريا تقدمها الجامعة الأزهرية هدية إلى مجتمعها ووطنها وأمتها، لضبط مسار العمل الدعوي، الذي أصابه الكثير من الخلل، واعترضه الكثير من العقبات!
ومفهوم فقه الدعوة عندي - إن كان لي عند - يعني الفهم الكامل المتكامل لرسالة الإسلام، وموضوعها ووسائلها وأساليبها ومقاصدها، وما يحيط بها من مشكلات وعقبات، والتفكير الإبداعي لإزالتها والتغلب عليها، في ضوء فقه الواقع!
ومن أسس هذا الفقه الإحاطة بالمخططات والمؤامرات الفكرية التي تحاك للمسلمين، من خلال التلاعب ببعض المفاهيم الدينية عندهم، مستغلة بعض الجماعات المؤدلجة للترويج لتلك المفاهيم، مثل مفهوم الجهاد، وتغيير المنكر، والدولة، والحكم، والخلافة، والعلاقة مع الآخر!
ومن أسسه - أي فقه الدعوة - اختيار الأحكام الفقهية المناسبة لحاجة المجتمع وفق الظروف الراهنة، بما يتفق ومقاصد التشريع الإسلامي، وذلك من خلال التراث العظيم الذي خلفه فقهاؤنا الأقدمون، وكان مما يناسب حاجة عصرهم في كثير من الأحيان، ولو عاشوا بيننا الآن لغيروا كثيرا من هذه الأحكام!
ومن نماذج ذلك مسألة عدم بدء اليهود والنصارى بالسلام؛ فإن ذلك مما يمكن فهمه على أنه في وقت الحرب، أو في ظرف خاص ليس له حكم العموم، وإلا فالأصل بذل السلام للعالم، وقد روي عن بعض السلف أنه كان يسلم عليهم ويقول: أليس في رحمة الله يعيش؟!
فما دام قد وجد في تراثنا الفقهي الفسيح رأي بجواز ذلك عن بعض السلف - وهم أتقى لله منا، وأبعد عن الهوى والغرض -، وهو مما يناسب حاجة العصر في ضرورة التعايش السلمي بين الطوائف المختلفة داخل المجتمع الواحد، ولم نخترعه من تلقاء أنفسنا؛ فما المانع من الأخذ به؟!
على أنه حتى وإن لم يقل به أحد من الفقهاء القدامى؛ فلا مانع من استحداث القول به، بناء على اجتهاد العلماء في ضوء قواعد الاجتهاد ومتطلبات العصر، لا سيما وأن الشريعة جاءت لتحقيق مصالح العباد، والتيسير عليهم، ورفع الحرج عنهم، لا إيقاعهم فيه، كما قال تعالى: "ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى"، ووصف الله شريعته في غير موضع من كتابه بأنها "هدى ورحمة"، ووصف نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه "رحمة للعالمين"، وهذا يقتضي الأخذ من أقوال الفقهاء بما يناسب حاجة الناس وييسر عليهم، ولو أدى ذلك إلى الأخذ بأضعف الأقوال في الظاهر - فلعلها الحق عند الله تعالى - مثلما أخذ قانون الأحوال الشخصية المصري برأي ابن تيمية في مسألة الطلاق في الحيض، والطلاق الثلاث، والحلف بالطلاق، تخفيفا على الناس، ورحمة بهم، وحماية للأسر من التفكك، نظرا لعموم البلوى بالطلاق!
مع أن ابن تيمية متهم في كثير من الدوائر المحلية والعالمية؛ بأنه رائد التطرف الفكري!
وهذا مما يحسب لأهل الحل والعقد في مصر - بفضل وجود الأزهر الشريف فيها - فهم لا يهدرون الرجل جملة وتفصيلا، بل يأخذون منه ويدعون، فهم يحاكمون فكره لا شخصه!
وهذا ما يمكن أن نفهمه من قول أمير المؤمنين في الحديث سفيان الثوري: إنما الفقه رخصة من ثقة، أما التشدد فيحسنه كل أحد!
ومن دلالات هذه العبارة أن الفقيه كلما تمكن في الفقه؛ كان جنوحه إلى الترخيص أمكن، وكلما قل رصيده منه؛ كان جنوحه إلى التشديد أظهر وأبين!
ومن النماذج الدالة على الأخذ بفقه الدعوة أيضا؛ مسألة تارك الصلاة عمدا، فمذهب الإمام أحمد أنه كافر بتعمده ترك الصلاة حتى وإن كان معترفا بوجوبها، وأنه يقتل كفرا لا حدا، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين!
وهو الذي يفتي به علماء آخرون - كما في فتاواهم المنشورة - ويرونه راجحا على رأي الجمهور!
ومن هنا تدرك السر وراء التطرف الفكري، الذي ابتلي به هؤلاء، وسرت عدواه إلى غيرهم!
وخالفه الجمهور - الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي - فقالوا: إنه مسلم عاص، ولا يستوجب القتل، إلا بإنكاره فرض الصلاة أصلا!
قلت للطلاب: لا يمكن الأخذ بمذهب الإمام أحمد في عصرنا؛ لعموم البلوى بترك الصلاة، وما دام عندنا من المذاهب ما نرفع به الحرج على الناس من المذاهب الفقهية المعتبرة؛ فلماذا نشدد عليهم؟!
ومن نماذجه أيضا؛ الصلاة في المساجد التي بها أضرحة، فرأي الجمهور صحة الصلاة فيها، فلماذا العدول عن هذا الرأي إلى الرأي القائل بالبطلان، والقائل به قلة، بل ندرة، ويلزم على الأخذ به إيقاع جمهور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في الحرج؛ لكونهم يصلون في المسجد النبوي الشريف وفيه ثلاثة قبور مشرفة، بل وفي المسجد الحرام نفسه سبعون نبيا مدفونون بين الركن والمقام، فضلا عن المساجد التي بها أضرحة، والمنتشرة في بقاع العالم، ويصلي فيها خيار العلماء وأفاضل الناس؟!
وبينا أنا أفكر في موضوع هذه الخاطرة؛ إذ سمعت إماما وخطيبا بوزارة الأوقاف المصرية - عن غير قصد لأنه كان يتحدث في الهاتف بصوت عال - يفتي أحدا بأن المنتحر - أظنه قال: كافر مخلد في النار، أو مرتكب كبيرة، لا أدري أيهما قال - ولكني أجزم بأنه قال: لا يصلى عليه، وشدد في ذلك، ونسبه إلى دار الإفتاء المصرية!
فاستنكرت ذلك منه، واتصلت بالزملاء في دار الإفتاء، مستفسرا عن ذلك، فنفوه جملة وتفصيلا!
وطلبت من المسؤولين في الأوقاف تدريب رجالهم على فقه الدعوة ممزوجا بفقه الواقع!
إننا بحاجة ماسة إلى نعلم أبناءنا في الجامعة الأزهرية - وهم دعاة الغد - ومن باب أولى الدعاة بالفعل؛ مدى واقعية هذا الدين، وأنه جاء لتحقيق مصالح الناس في كل زمان ومكان، بالعدل والرحمة، وذلك يقتضي أن نغرس في نفوسهم فقه الدعوة، الذي تربطه بفقه الواقع وشيجة من نسب، حتى لا يعيشوا بمعزل عن الواقع وهم من أبنائه، وعن روح التشريع الإسلامي وهم من دعاته!
- البناء المنهجي لطالب العلم إذا كان حدثا :
يقتضي أن يلوذ بالستر حتى يكتمل بناؤه، وتقوى أعضاؤه!
وأن يكون سماعه أكثر من كلامه، وقراءته أكثر من كتابته، واختفاؤه أكثر من ظهوره، وتعلمه أكثر من تعليمه!
فمتى رأيت الطالب - وهو حدث - متعجلا للظهور، مغرما بالتصوير، محبا للشهرة؛ فاعلم أنه لن يفلح في العلم، وإن أفلح في غيره، إلا من رحم الله!
فإن الصغير إذا تتبعته العيون؛ أفسدته، أو كادت أن تفسده!
والحدث من لم يكتمل بناؤه المنهجي وإن كان ابن سبعين سنة، كما وقع في بعض كلام السادة أهل الله، نفعنا الله بهم!
- خلاصة تجربتي في البحث العلمي..!
فرض علي موضوع رسالة الماجستير، ضمن خطة وضعها القسم لتحقيق بعض المخطوطات، وما بعد ذلك من مشاريع علمية - بدءا من الدكتوراه وما تلاها من بحوث -؛ هو من بنات أفكاري، من خلال قراءاتي المكثفة في التخصص وغيره، والانكباب على الكتب بجميع أنواعها، الورقية والإلكترونية، حتى كنت أقرأ قرابة خمس عشرة ساعة في اليوم والليلة، في مختلف العلوم والفنون والثقافات، واقفا وجالسا وماشيا وراكبا ونائما ومتكئا وآكلا وشاربا، وترك فضول المخالطة، والانجماع على النفس، والاجتماع بالمشايخ، ومذاكراتهم ومباحثتهم بمسائل العلم، مع توقيرهم وخدمتهم والقيام بحقهم، فكانوا يدعون لي بالبركة، ويفتحون لي قلوبهم وبيوتهم ومكتباتهم، فنفعني الله بذلك!
وما تسولت فكرة من أحد، ولا طلبت إعداد خطة، كل شيء صنعته بيدي بتوفيق الله تعالى، كنت أقرأ كثيرا قبل أن أكتب، وأكتب بقلمي لا بقلم غيري، وبفهمي لا بفهم غيري، أكتب فيما يشغلني من أفكار وأطروحات، لا فيما يشغل غيري، كنت أبحث عن حلول وإجابات لكل ما يعترضني من مشكلات وتساؤلات، كنت أريد بناء تصور كامل عن كل شيء، كنت أريد أن أصل إلى جوهر الحقيقة، كان هدفي تحصيل العلم، لا نيل الشهادة!
وأكثر ما أعانني على ذلك - بعد فضل الله تعالى - صحبة الصالحين، ومرافقة المفلحين!
- لست محبوسا في قمقم التصوف، ولا أنا درويش بسبحة، إنما أنا رجل من أهل العلم، أعيش واقع مجتمعي، وأعرف علله وأدويته، وما أريد إلا الإصلاح له - ما استطعت - ولكن على منهج العلماء الربانيين، لا على منهج الماديين القاصرين!
رأيت أقواما حسبوا أنفسهم على أقوام، فذهبوا بذهابهم، حين ذهبت دولتهم!
ورأيت أقواما حسبوا أنفسهم على الله، فما ذهبوا!
من تعلق بالفاني فني، ومن تعلق بالباقي بقي!
.........................…................................................
- لمن تعذر عليه وجود الشيخ المربي في هذا الزمان!
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ تقوم مقام الشيخ المربي عند عدمه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم شيخ الأمة الأعظم، والصلاة عليه توصلك إليه، فتتصل روحك بروحه، فتحصل التربية والتزكية والتصفية والتخلية والتحلية والتجلية والتنقية والترقية!
واعلم أن تعلق المريد بشيخه؛ إنما هو تعلق روح بروح، لا تعلق جسد بجسد؛ لأن الروح ميدان التربية عندهم، وشيوخ الروح لا يموتون، وشيوخ الأجساد يموتون؛ لأن الروح لا تموت، فما تعلق بها لا يموت، وما قارب الشيء يأخذ حكمه.
اللهم اجمع بيني وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جسدا وروحا، يقظة ومناما، ظاهرا وباطنا، دنيا وآخرة!
فضيلة الدكتور محمد ابراهيم العشماوي
أستاذ علم الحديث جامعة الأزهر
التصوف هو : عبارة عن مرتبة الإحسان التى ذكرت فى حديث سيدنا جبريل عليه السلام.
وكان الْجُنيد يقول: طريقنا هذا -إلى الله- مقيد بالكتاب وَالسُّنَّة.
ولذلك قالوا: إن طريقنا مقيد بالذكر والفكر.
تريد أن تسلك طريق الله، ماذا تفعل؟ عليك بالذكر ، قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} ، والفكر {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار}.
وبعد الذكر والفكر، تأتي: المناجاة، الدعاء .
وماذا أيضًا ؟ قلة المنام، قلة الطعام، قلة الأنام، قلة الكلام.
ومن أين أتي هذا الكلام ؟ سيدنا النبي ﷺ أوصانا بالصمت (قلة الكلام)، وقال: «إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتًا، فاعلموا أنه يُلَقَّى الحكمة».
وربنا سبحانه وتعالى يقول: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }، وقال ﷺ: «اضمن لي ما بين لحييك وفخذيك، أضمن لك الجنة».
وكان شأن الأنبياء الصمت؛ حتى إن ابن أبي الدنيا أَلَّفَ كتابًا ضخمًا، أورد فيه كل الأحاديث الواردة عن فضيلة الصمت.
قلة الطعام: عندنا صيام شهر رمضان، وسيدنا رسول الله ﷺ ، كان يصوم الاثنين، والخميس، وكان يصوم ثلاثة من كل شهر، وكان يصوم أغلب المحرم، وأغلب شعبان، وكان يصوم التسعة الأوائل من ذي الحجة، وكان ﷺ يصوم كثيرا.
وعندما تحصي ما ورد في السُّنَّة عن الصيام، تجد أكثر من ست شهور، يعني نصف الدهر مع رمضان، فيكون أزيد من نصف الدهر –سبع شهور-.
قلة الطعام : سيدنا النبي ﷺ يقول : «حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، وإن كان لابد فاعلًا، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه».
قلة المنام : {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}. {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}.
ومعني التهجد : أن تترك النوم ابتغاء العبادة لها ثواب كبير، وقيام الليل وفضل قيام الليل.
قلة الأنام : معناها: الانكفاف عن الناس، العزلة الطيبة، التي تمكنك من التفكر والتدبر.
وهذا في الاعتكاف حتى إن الإمام الشافعي يوصينا أيضًا أخذًا من السُّنَّة: بأن الإنسان عندما يدخل المسجد، يقول: نويت سُنَّة الاعتكاف، جلس عشر دقائق، ربع ساعة، صلى وانصرف، مفيش مانع.
وهناك من سيأتي ويقول : أنت تريد من الناس أن تعتزل؟
فالسادة الصوفية وجدت حل لهذا الأمر فقالوا : "خلوتهم في جلوتهم".
فالسادة الصوفية لم يقولوا : انعزل، واحبس نفسك في البيت. لا، بل جعلوا عمل الإنسان بيده، واكتسابه لرزقه من عمل يده، هو أساس التصوف.
ولكن كيف أعتزل؟
قالوا : بقلبك، تعتزل بقلبك، درب قلبك على هذه العزلة، التي لا تغتاب فيها، ولا تَنِمْ، ولا تتكبر، ولا تدخل في مهاترات الناس، وأنت لست طرفًا فيها ، قلل من تبعاتك مع الخلق، وتفكر. هذه هى العزلة.
إذن العزلة هنا عزلة شعورية، قلبية، روحية، الغرض منها الطمأنينة، وعدم مخالطة المعاصي.
العزلة هنا معناها إتاحة مساحة أكثر للتفكر.
الصوفية التي تهتم بالذكر والفكر، تهتم أيضًا بالتخلية والتحلية "خلي قلبك من كل قبيح وحلي قلبك بكل صحيح".
ومن دعاء السادة أهل الله : " اللهم اجعل الدنيا في أيدينا، ولا تجعلها في قلوبنا"، لماذا؟
لأن الزاهد الحقيقي، هو مَنْ كانت الدنيا في يده، فزهد فيها؛ لكن الدنيا ليست في يديه، فهو زاهد كذاب، لأن الدنيا لم تأتي له أصلا فبماذا يزهد ؟
هو ليس له إِلَّا التواضع، وليس الزهد؛ لكن هتدعي الزهد، فلابد أن تكون الدنيا في يدك.
لقد صرنا نعيش في مجتمعات تسيطر عليها المادية وتحركها شهوات وأهواء، دفعت الإنسانية إلى ارتكاب أفظع الجرائم في حق الكون "الإنسان، والنبات ، والحيوان ، والجماد".
حتى صرنا مهددين بدمار العالم ، حيث إن طغيان المادة جعل الروح تنزوي وتضعف، وجعل العقل والفكر تتخبطه دوافع من المصالح الآنية والأغراض الذاتية.
وهنا يقوم التصوف بإصلاح ما فسد في حياتنا في العصر الحاضر، إنه يزيد فرصة التواصل مع الآخرين والتحاور والتعارف معهم من أجل خدمة الإنسان وتيسير سبل عيشه، وتبصرته بآخرته ومآله إلى ربه ومرجعه إليه، إن الإيمان بالله واليوم الآخر يدفع الإنسان إلى الإحسان إلى نفسه وتقويمها والمحافظة عليها ، وكذلك الإحسان إلى الخلق وتقديم النافع لهم وإبعاد الضار عنهم.
إن الجماعات الضالة التي نبذت التصوف؛ وحاربته ؛ واستقطبت شباب الأمة ورجالها ونساءها إلى ضلالها المبين؛ نشرت الخراب في بلاد الإسلام وغيرها، وشوهت صورة الإسلام في العالمين، بما ارتكبته من فظائع وجرائم، ولقد آن أن يتوقف هؤلاء النابتة الخوارج عما يفعلون، ويتركون فرصة لإصلاح ما أفسدوه، بالعودة إلى سماحة الإسلام وعظمته ورحمته، وتأصيل وسطيته الصحيحة ، وهداية الخلق وتعريفهم بصحيح الدين ، وجمال الشريعة.
من كتاب : مدخل إلى التصوف الإسلامي
إمام الائمة وبدر التتمه وحجة الشافعيه الإمام العلامه نور الدين على جمعه الشافعى الازهرى المصري
اشتهر الرئيس الراحل محمد أنور السادات بحبه لأولياء الله الصالحين، أحياء ومنتقلين، وحرصه على زيارتهم، والتماس البركة منهم، والاستماع لنصائحهم، لا سيما قبل اتخاذ القرارات المهمة، وكانت له علاقة خاصة بسيدي أحمد البدوي - بحكم الجوار - فالرئيس من ميت أبو الكوم، إحدى قرى مركز تلا، بمحافظة المنوفية، وهي تبعد قليلا عن مدينة طنطا، وكان كثيرا ما يصلي الفجر في السيد البدوي، ويستمع إلى ابتهالات الشيخ سيد النقشبندي!
وكان يلبس عباءة السيد البدوي وعمامته، ويمسك سبحته الألفية تبركا بها، وقد لبستهما، وأمسكت بالمسبحة، غير مرة، تبركا بآثار الصالحين، والحمد لله رب العالمين!
ووطد من علاقة السادات بالسيد البدوي حبه لشيخنا الخطيب، وحرصه الدائم على زيارته واستشارته في طنطا، حتى كان يأتيه وحده - وهو رئيس الدولة - بلا حراسة، وأحيانا مع الحراسة، وكان السادات يضع صورته مع الشيخ الخطيب في غرفته من شدة محبته له، حسبما ذكر الدكتور محمود جامع، الطبيب الشخصي للسادات، في كتابه(عرفت السادات)!
و في مقام سيدي أحمد البدوي، الرئيس السادات بصحبة سيدنا الشيخ الإمام محمد خليل الخطيب، وهو يدعو له أمام المقام الأحمدي، ويبشره بالنصر، وبأنه رأى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعبر القنال مع الجيش المصري، وهي رؤيا رآها كثير من أولياء مصر المحروسة!
- الرئيس السادات..وسلوكه الطريقة الشاذلية، من طريق أبي المعارف السيد محمد عبد الرحيم، وقصة مسجد أولاد عبد الرحيم!
رأيت نفسي مشدودا بالأمس إلى زيارة سيدي محمد عبد الرحيم النشابي أبي المعارف، دفين سيجر، إحدى ضواحي مدينة طنطا، وهو أحد أكابر العلماء الأولياء على التحقيق في المدرسة الشاذلية - والعلم وحده ولاية ظاهرة، فكيف إذا انضمت إليه الولاية الباطنة - وهو تلميذ سيدي أبي المحاسن القاوقجي، المتتلمذ على سيدي محمد البهي، وخليفته من بعده، والمتيم بالحضرة الأحمدية، الغارق فيها بالكلية، وهو شيخ الشيخ علي داوود، الذي أخذ عنه سيدنا الشيخ الخطيب طريق الشاذلية!
فذهبت مع رفقائي لزيارته، فوجدته فحلا، حسا ومعنى، وشعرت بروحه القوية ترفرف على الجالسين من حوله، وأخذت أتأمل في صورته البهية، وفي قصيدته الشجية، التي يمدح بها إمام الطريقة سيدي أبا الحسن الشاذلي، حتى كدت أذوب من حلاوة معانيها، وجمال مبانيها!
ثم كان من فضل الله علينا أن التقينا بخليفته، فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن خضير، أستاذ الأدب والنقد بالجامعة الأزهرية، والعميد الأسبق لكلية اللغة العربية بالمنوفية، وهو رجل جم التواضع، عظيم الأدب، مستور الحال، قد تأثر بأخلاق أهل الله تأثرا شديدا، لا تكاد تعرف أنه أستاذ في الجامعة إلا إذا كنت تعرفه معرفة شخصية - كما يبدو من صورته المرفقة - يأتي كل عام في مولد السيد محمد عبد الرحيم إلى طنطا قادما من المنوفية، فيستأجر مكانا بجوار مسجد السيد أبي المعارف، فيعقد فيه مجالس الذكر والعلم والمديح وإطعام الطعام، وقد أتحفنا بكثير من حكايات السيد أبي المعارف ومآثره، التي انتشى به الفؤاد، وقد كان والده أحد تلامذة السيد أبي المعارف، وله معه قصص وحكايات!
كما التقينا بعده بأولاد نوارة، وهم أيضا من خلفاء السيد أبي المعارف، من قرية شبشير الحصة، إحدى قرى مركز طنطا، وفيهم نور وخير ومدد وبركة، وقد زارهم الأخ الدكتور أسامة السيد الشهير بالأزهري، للاستفادة بهم في ترجمة السيد محمد عبد الرحيم؛ ليضعه ضمن موسوعته: (جمهرة أعلام الأزهر الشريف في القرنين الرابع عشر والخامس عشر)!
وكان مما حدثني به القوم أن مسجد أولاد عبد الرحيم الواقع في شارع درب الإبشيهي في مدينة طنطا، خلف الجامع الأحمدي؛ هو في الأصل بيت السيد محمد عبد الرحيم، وأنه وهبه لأولاد نوارة، فوضع يده عليه أحد أقرباء الرئيس السادات، فشكوه إلى السيد أحمد القصبي، محافظ الغربية آنذاك، فنصحهم بأن يرفعوا الأمر إلى الرئيس السادات، فذهبوا إليه في يوم كان موجودا فيه في بلدته ميت أبو الكوم، بمحافظة المنوفية، فحكوا له القصة، فأخبرهم أنه قد أخذ العهد الشاذلي على الشيخ علي داوود، أحد خلفاء سيدي محمد عبد الرحيم، وأمر بتمكينهم من المكان، وعدم التعرض لهم، حتى ولو كان المتعرض من أقرباء الرئيس!
فوضعوا أيديهم عليه، وبنوا فيه مسجدا، وسمي بمسجد أولاد عبد الرحيم، ثم ضم إلى الأوقاف، وهو الآن يتبع إدارة أوقاف أول طنطا!
اللهم إن أحيا غيرنا ذكر الفاسدين؛ فأحي بنا ذكر الصالحين!
فضيلة الشيخ الدكتور محمد ابراهيم العشماوي
استاذ علم الحديث جامعة الأزهر
لا عبادة للأولياء..ولكن بيانا لفضائلهم، وبركة منازلهم!
حدثني - اليوم - مسؤول ديني ذو منصب كبير - واستحلفني ألا أذكر اسمه إذا رويت عنه في خواطري؛ لأنه يحب الستر، وهو ليس من الصوفية، بل لعله من المنكرين عليهم - أنه رأى فجر اليوم ، مسجد سيدي أحمد البدوي، كأنه روضة من رياض الجنة، ثم رآه في مشهد آخر على صورة الحرم المكي!
وحدثني أيضا أنه كان يصلي التراويح خلف إمام مشهور، فكان الإمام يقرأ في كل ركعة ربعا، وأنه انتهى إلى قول الله تعالى"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، فتكلم عنها في خاطرة بين التراويح، وحذر الناس من زيارة الأولياء، وأن زيارتهم شرك، إلى آخر هذا الهراء، ثم قام إلى الصلاة، فما استطاع أن يكمل آية إلا بسعال أو عطاس أو نحنحة، وأكمل ما تبقى من التراويح ببضع آيات!
ثم جاء في اليوم الثاني، فقال للناس: ظن البعض أن ما أصابني بالأمس إنما هو بسبب كلامي عن الأولياء، وهذا خطأ؛ لأن أي إنسان معرض لمثل هذا!
قلت: هذه مكابرة صريحة، ولولا شعوره بأن ما جرى له عقوبة من الله له على كلامه في أوليائه؛ ما نبه عليه، فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور!
وأنا أعرف هذا الإمام، وقد تقلبت به الدنيا، وأصابه منها ما أصابه، نسأل الله السلامة!
قال الرجل: وعندي من ذلك حكايات كثيرة، زادت من اعتقادي في كرامات الأولياء، وحسن طريقتهم، ولولا أني أخشى أن تذكر اسمي لحكيتها لك!
قلت: لك علي ألا أذكر اسمك، ولذكر الله أكبر.
تشرفت مرة بصحبة أستاذنا العارف بالله الشيخ عبد السلام أبي الفضل؛ لزيارة السيد أحمد البدوي، وكنت حريصا على أن أراه وهو يزور؛ لأتعلم منه آداب الزيارة المشروعة؛ لأن الشيخ كان متشرعا لأقصى درجة، فرأيته دخل، ووقف قبالة الضريح، وألقى السلام على السيد، بالصيغة الواردة في السلام على أهل القبور، ثم قرأ ما تيسر من القرآن، ثم توجه إلى القبلة بالدعاء، دون أن يطوف بالقبر، أو يمسه، أو يقبله، أو يلوح بيده، أو يفعل شيئا مما يفعله الناس عند زيارة الأولياء!
ولما حان وقت الصلاة خرج من المقام إلى المسجد، وصلى فيه!
وأردت أن أسأله عما فعل، من أين هو، فتذكرت أنه التلميذ الأجل الأوفى لشيخنا الخطيب رضي الله عنه، وقد قال شيخنا الخطيب، عن آداب زيارة القبر النبوي الشريف، في قصيدته المباركة(وحي الحديث)، وسميت بذلك؛ لأن معانيها مأخوذة من معاني الحديث الشريف:
إياك تقبيل الضريح ولمسه
أو لصق ظهرك فيه أو أحشاكا
أو أن تخل بواجبات عنده
أو أن يزيد الصوت عن نجواكا
أو أن تطوف به كطائف كعبة
حاشاه يرضاه وعنه نهاكا
واحذر غرورا بالألى فعلوا وما
راعوا لآداب الحنيف هناكا
وكان الشيخان الكريمان - رضي الله عنهما - من أعاظم شيوخ الصوفية المعاصرين تمسكا بآداب الشريعة، وحفظا لحدودها، واشتهر ذلك عنهما، وعن تلامذتهما، حتى قال لي بعض شيوخنا في العلم وفي الطريق، ممن كان يزور مقام السيد، ويطوف به، ويقبله، حين رآني لا أفعل مثله: لك العذر حقا؛ فأنت ابن مولانا الخطيب!
ما أحسن أن يكون شيخك في الطريقة؛ هو شيخك في الشريعة والحقيقة!
الدكتور محمد ابراهيم العشماوي
قبل حرب أكتوبر المجيد رأى (العارف بالله)الامام الاكبرالشيخ عبد الحليم محمود شيخ الازهر الشريف في هذا الوقت رؤية مبشرة حيث رأى الشيخ رسول الله صل الله عليه وسلم في المنام وأخذه هو ومعه علماء المسلمين والقوات المسلحة وعبر النبي قناة السويس في اشارة منة بنجاح العبور للجيش المصري.
وحين استيقظ ذهب على الفور الى الرئيس محمد أنور السادات وأخبرة بما شهده في المنام ليرسخ في عقل السادات أمل النصر والعبور واقترح عليه أن يتخذ قرار الحرب مطمئنا إياه بالنصر وبعدها ذهب مسرعا الى منبر الأزهر الشريف وألقى خطبة قال فيها إن حربنا مع إسرائيل هي حرب في سبيل الله وأن الذين يموتون فيها شهداء ولهم الجنة ومن تخلف عنها منافق.
وكتب الدكتور إبراهيم عوض كتاب بعنوان عبد الحليم محمود.. صوفي من زماننا وقال أن شيخ الازهر قبل حرب أكتوبر جاءه النبي في المنام وهو يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين والقوات المسلحة فاستبشر عبد الحليم محمود وأيقن بأن النصرقادم لا محالة .
وذكرالدكتور محمود جامع في كتابه تحت اسم ,كيف عرفت السادات, وقال عن واقعة الشيخ عبدالحليم محمود حيث قال لا ننسى الذي بشرنا بالنصر في حرب أكتوبرعام 1973عندما رأى النبي في المنام وهو يرفع راية الله أكبر
سيادة الإنسان المخلوق الذي فيه نفخة من الإله ؟!
﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾
المخلوق الذي أبرز الله إرادته ودلائل قدرته في كيانه، ليس من الملائكة، ولا من الجن، ولا من العوالم الأخرى التي عُرفت آنذاك، وإنما هو كائن زوِّد بطاقات تؤهله للاضطِلاع بالمهمَّة، والنهوض بالمسؤولية التي خُلق لها.
هذه النفخة التي سرت في كيانه، فمنحته الحياة العالية الكاملة، قد أصبح خَلْقًا متفرِّدًا بِصِفات تؤهِّله لخلافة الله في الأرض.
يُبتلى بالغرائز، وتصطرع في داخله الانفعالات والدوافع، ويمنح العلوم والمعارف، ويضرب في فجاج الأرض، إذ من ترابها يخلق، وعلى ظهرها يعيش ويرزق، وفي بطنها يدفن، ومنها يبعث، وله اليوم الآخر، وله يُنصَب الميزان، ويضرب الصراط، ومن أجله خُلقت الجنة والنار، ومجال عمله ومحك اختباره في دنياه، والعوالم كلها مخلوقة من أجله، وملائكة الله يقومون بأمره ليل نهار، وعمره على وجه الأرض يقاس بدورة الفلك، وأفول الشمس وبزوغ القمر، خليفة عن الله في أرضه بأمره، ويسجل ذلك في آخر كتبه، تنزيلاً على خاتم رسله، فيقول - جل شأنه -
﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
[البقرة: 30].
فإن المخلوق الذي فيه نفخة من الإله، وكان مقره الجنة، ثم نزل إلى الأرض منفاه وغربته، لا بدّ وأن يعمل من أجل العودة إلى أصله، ومن ثم فالفكر الصوفى هو فكر سيادة الإنسان. ومسئولية المفكر الصوفي تجاه البشر أن يأخذ بأيديهم في هذه المعركة – جهاد النفس (الجهاد الأكبر)- ويوصلهم إلى برّ الأمان .
إن هذا الفكر مضاد تماما لتصوف الزهد والانسحاب انه تصوف الصراع والمواجهة والقتال ومن هنا تشيع روح الحنو على البشر والنظر بعين الإشفاق بل وأحيانا الفهم لألوان ضعفهم فهذا الفكر ينزل إلى خضم الحياة ينازلها ويصارعها وجها لوجه .
ففى مثل هذه المعركة التي تجري داخل الدم ولا تهدأ ، ولا هدنة فيها يقف العدو " النفس ، الشيطان ، الهوى ، مغريات الدنيا ، الهوس " بالمرصاد ومن ثم لا بد للمقاتل من معلم يرشده .
وليس صراع الإنسان في مقابل الأهواء وسعيه الحثيث نحو العودة إلى أصله قائماً على تجاهل هذه الرغبات والأهواء ، أو نفيها بل على مقاومتها مقاومة شديدة ، فالهروب هنا ليس يجدي ، وكيف يفر الإنسان من نفسه التي بين جنبيه ، ومن شيطان يجري منه مجرى الدم .
فالهدف هو تحقيق سيادة الإنسان أن يكون بالفعل سيدا على الأكوان كما خلق في الأصل والإنسان من حيث تكوينه متوسط المكانة بين الملك والأنعام وهو لذلك يعيش في صراع بين الشهوة البهيمية والطهر الملائكي , فالملك ينمو بالعلم والأنعام تنمو بالجهل وبين هذين الاثنين ظل الأدمى في صراع تارة يجذبه العلم إلى أعلى عليين وتارة يجبره الجهل إلى الحضيض وليكن ما يكون .
والمعلم لا يدع السالك في هذا الصراع المرير بل يوجه همته إلى ما فيه جوهر روحاني لو أقبل عليه بالرعاية والعناية لسما بنفسه فوق الملائكة
وإدراك الإنسان لنبل عنصره واستعداده الروحاني الهائل أمر ضروري وهام جدا لأنه يحمل الشرارة الأولى لانطلاق السالك في طريق الحقيقة فالطريق محفوف بالمخاطر والعقبات وإدراك هذا الأمر هو الكفيل بتذليل العقبات وتيسير الصعاب .
والإنسان ينبغي أن يكون وثيق الصلة بالعالم العلوي ,أما بالنسبة لهذا العالم المادي فيجب أن يحرص على ألا يربطه به إلا أوهى رابطه ليسهل عليه التحرر منه فساعة الرحيل آتية لا محالة .
اتجاه الإنسان إلى الله أمرا ضروريا
لو غفل عنه الإنسان تعرضت حياته للهلاك فلابد للسالك من التوجه إلى الله والإقبال عليه ,فلا تفارقه بأية حال والزم بابه بذلة وخشوع ليحقق لك أعظم رفعة.
لا ينبغي أن تبتعد عنه للحظة واحدة فمن ذلك البعد يتفاقم الفساد , انك تقول أعود وماذا يكون ؟ وستعود إذا انشرح القلب , إن الكثيرين عدوا هذا الأمر سهلا , فكثير من المصاعب يبدوا في البداية ميسورا ,
لماذا يبدوا الأمر العسير يسيرا ؟ لان العقل يسلب عقلك من الكمين , كن معه على أية حال تكون فيها , فان المحبة تزداد بقربك منه ولا تفر منه
ولما لا يقبل الإنسان على الحق ؟!
وهو البيئة الطبيعية للروح والموطن الأصلي للإنسان , فالاتجاه إليه عودة إلى الوطن . فما دام هو الذى منحك الحياة وأعطاك الفكر لتقبل عليه ولتفكر فيه وليكن سرورك كله به فكلك من عطاياه .
ومن يذق الدنيا فإني طَعمْتُها.... وسيق إلينا عَـذبها وعـذابها
فلم أرها إلا غُروراً وباطلاً…. كما لاح في ظهر الفلاة سَرابُها
وما هي إلا جِيفةٌ مستحيلةٌ ....عليها كلابٌ هـمُّهن اجتِذابها
فإن تجتنبها عشت سِلما لأهلها…. وإن تجتذبها ناهـشتك كلابها
فطوبى لنفسٍ أُوطأت قعر بيتها ....مُغَلَّقَةَ الأبوابِ مُرخىً حجابها
الحمد لله الذي ملأ قلوب أوليائه بمحبته,
واختص أرواحهم بشهود عظمته. وهيأ أسرارهم لحمل أعباء معرفته. فقلوبهم في روضات جنات معرفته يحبرون. وأرواحهم في رياض ملكوته يتنزهون. وأسرارهم في بحار جبروته يسبحون. فاستخرجت أفكارهم يواقيت العلوم. ونطقت ألسنتهم بجواهر الحكم ونتائج الفهوم. فسبحان من اصطفاهم لحضرته. واختصهم بمحبته. فهم بين سالك ومجذوب. ومحب ومحبوب. أفناهم في محبة ذاته. وأبقاهم بشهود آثار صفاته. والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد منبع العلوم والأنوار. ومعدن المعارف والأسرار. ورضى الله تعالى عن أصحابه الأبرار وأهل بيته الأطهار .
الطريق إلى الله
من أحب أن يفتح الله قلبه، ويرزقه العلم، فعليه بالخلوة وقلة الأكل، وترك مخالطة السفهاء وبعض أهل العلم الذي ليس معهم إنصاف ولا أدب
الشافعى رحمه الله
الذي يقبل على الطريق إلى الله وآدابه ينبغي له أن يتحلى بخصال وهى :
الجوع والسهر والصمت والعزلة
وباطنه الصدق والتوكل والصبر والعزيمة واليقين
ومطرود منه صاحب أربعة:
الهوى والدنيا والنفس والشيطان
و للوصول إلى القربات لابد من اجتياز ست عقبات :
العقبة الأولى فطم الجوارح عن المخالفات الشرعية
العقبة الثانية فطم النفس عن المألوفات العادية
العقبة الثالثة فطم القلب عن الرعونات البشرية
العقبة الرابعة فطم النفس عن الكدورات الطبيعية
العقبة الخامسة فطم الروح عن البخورات الحسية
العقبة السادسة فطم العقل عن الخيالات الوهمية
فتشرف من العقبة الأولى على ينابيع الحكم القلبية وتطلع من العقبة الثانية على أسرار العلوم اللدنية وتلوح لك في العقبة الثالثة أعلام المناجات الملكوتية ويلمع لك في العقبة الرابعة أنوار المنازلات القربية وتطلع لك في العقبة الخامسة أنوار المشاهدات الحبية وتهبط من العقبة السادسة على رياض الحضرة القدسية فهنالك تغيب بما تشاهده من اللطائف الأنسية عن الكثائف الحسية فإذا أرادك لخصوصيته الإصطفائية سقاك بكأس محبته شربة تزداد بتلك الشربة ظمأ وبالذوق شوقاً وبالقرب طلبا.
كيف الطريق إلى التحقيق:
قال لا تنظر إلى الخلق فإن النظر إليهم ظلمة قلت لا بد لي قال فلا تسمع كلامهم فإن كلامهم قسوة قلت لا بد لي قال فلا تعاملهم فإن معاملتهم خسران وحسرة ووحشة قلت أنا بين أظهرهم لا بد لي من معاملتهم قال فلا تسكن إليهم فإن السكون إليهم هلكة قلت هذا لعله يكون قال يا هذا تنظر إلى الاعبين وتسمع كلام الجاهلين وتعامل البطالين وتسكن إلى الهالكين وتريد أن تجد حلاوة الطاعة وقلبك مع غير الله هيهات هذا لا يكون أبداً
التجريد :
تجريد الظاهر هو ترك كل ما يشغل الجوارح عن طاعة الله وتجريد الباطن هو ترك كل ما يشغل القلب عن الحضور مع الله وتجريدهما هو أفراد القلب والقالب لله
آداب الفقير المتجرد:
قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي اله عنه آداب الفقير المتجرد أربعة الحرمة للأكابر والرحمة للأصاغر والإنصاف من نفسك وعدم الإنتصار لها
وآداب الفقير المتسبب أربعة
موالاة الأبرار ومجانية الفجار وإيقاع الصلاة في الجماعة ومواساة الفقراء والمساكين بما يفتح عليه
ثمار العزلة
وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه ثمار العزلة
الظفر بمواهب المنة وهي أربعة كشف الغطاء وتنزل الرحمة وتحقق المحبة ولسان الصدق في الكلمة قال الله تعالى فلما إعتزلهم وما يعبدون من دونا لله وهبنا له الآية
( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِياًّ ﴾.
وأعلم أن في الخلوة عشر فوائد
الأولى السلامة من آفات اللسان
الفائدة الثانية حفظ البصر والسلامة من آفات النظر
الفائدة الثالثة حفظ القلب وصوته عن الرياء والمداهنة وغيرهما من الأمراض
الفائدة الرابعة حصول الزهد في الدنيا والقناعة منها
الفائدة الخامسة السلامة من صحبة الأشرار ومخالطة الأرذال
الفائدة السادسة التفرغ للعبادة والذكر والعزم على التقوى والبر
الفائدة السابعة وجدان حلاوة الطاعات وتمكن لذيذ المناجات لفراغ سره
الفائدة الثامنة راحة القلب والبدن
الفائدة التاسعة صيانة نفسه ودينه من التعرض لشرور والخصومات التي توجبها الخلطة
الفائدة العاشرة التمكن من عبادة التفكر والاعتبار، وهو المقصود الأعظم من الخلوة .
والفكرة سير القلب إلى حضرة الرب
وهي على قسمين فكرة تصديق وإيمان وفكرة شهود وعيان على ما يأتي قلت لا شيء أنفع للقلب من عزلة مصحوبة بفكرة لأن العزلة كالحمية والفكرة كالدواء فلا ينفع الدواء من غير حمية ولا فائدة في الحمية من غير دواء فلا خير في عزلة لا فكرة فيها ولا نهوض لفكرة لا عزلة معها إذ المقصود من العزلة هو تفرغ القلب والمقصود من التفرغ هو جولان القلب وإشتغال الفكرة والمقصود من إشتعال الفكرة تحصيل العلم وتمكنه من القلب وتمكن العلم بالله من القلب هو دواؤه وغاية صحته وهو الذي سماه الله القلب السليم
قال الله تعالى في شأن القيامة
(يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )
أي صحيح وقد قالوا إن القلب كالمعدة إذا قويت عليها الأخلاط مرضت ولا ينفعها إلا الحمية وهي قلة موادها ومنعها من كثرة الأخلاط وفي الحديث المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء .
وصدق عيسى عليه السلام
لا تجالسوا الموتي فتموت قلوبكم قالوا من الموتى يا روح الله قال المحبون في الدنيا الراغبون فيها
وقال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى:
(وأما الخلوة ففائدتها دفع الشواغل، وضبط السمع والبصر، فإنهما دهليز القلب، والقلب في حكم حوض تنصب إليه مياه كريهة كدرة قذرة من أنهار الحواس. ومقصود الرياضة تفريغ الحوض من تلك المياه ومن الطين الحاصل منها؛ ليتفجر أصل الحوض، فيخرج منه الماء النظيف الطاهر. وكيف يصح له أن ينزح الماء من الحوض، والأنهار مفتوحة إليه؟ فيتجدد في كل حال أكثر مما ينقص. فلا بد من ضبط الحواس إلا عن قدر الضرورة، وليس يتم ذلك إلا بالخلوة)
وعندما يسلم من علله وأمراضه وتعلقاته ومشاغله، وخواطر الشيطان ووساوسه، يستحق نعيم قربه ويستعد لتلقي العلوم اللدنية، والأسرار الربانية، والنفحات النورانية
وقال الغزالي أيضاً:
(وانكشف لي في أثناء هذه الخلوات أُمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره ليُنتفعَ به، أني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقتهم أصْوَبُ الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق، بل لو جُمِع عقل العقلاء، وحكمة العلماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئاً من سَيْرِهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً، فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به)
(فإن المتأهب الطالب للمزيد، المتعرض لنفحات الجود بأسرار الوجود إذا لزم الخلوة والذكر، وفرَّغ المحل من الفكر، وقعد فقيراً لا شيء له عند باب ربه، حينئذ يمنحه الله تعالى، ويعطيه من العلم به والأسرار الإلهية والمعارف الربانية التي أثنى الله سبحانه بها على عبده خضر فقال:
{عبْداً مِنْ عِبادِنا آتيناهُ رحمَةً مِنْ عندِنا وعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا علماً} الكهف.
وقال تعالى: {واتَّقوا اللهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللهُ} البقرة.
قال تعالى: {إنْ تتَّقوا اللهَ يَجعَلْ لكُمْ فُرقاناً} الأنفال.
وقال: {ويجعلْ لَكُمْ نُوراً تمشونَ به} الحديد
وقيل للجنيد: بم نلت ما نلت؟
فقال: بجلوسي تحت تلك الدرجة ثلاثين سنة
وقال أبو يزيد:
أخذتم علمكم ميتاً عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت. فيحصل لصاحب الهمة في الخلوة مع الله وبه جلَّت هيبته وعظمت منته، من العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على البسيطة، بل كل صاحب نظر وبرهان، ليست له هذه الحالة)
الشيخ الإمام عماد الدين أحمد الواسطي:
(وليكن لنا جميعاً من الليل والنهار ساعة نخلو فيها بربنا جل اسمه وتعالى قدسه، نجمع بين يديه في تلك الساعة همومنا ونطرح أشغال الدنيا عن قلوبنا، فنزهد فيما سوى الله ساعة من نهار، فبذلك يعرف الإنسان حاله مع ربه، فمن كان له مع ربه حال، تحركت في تلك الساعة عزائمه، وابتهجت بالمحبة والتعظيم سرائره، وطالت إلى العلا زفراته وكوامنه. وتلك الساعة أنموذج لحالة العبد في قبره حين خلوه عن ماله وولده. فمن لم يخل قلبه لله ساعة من نهار لَمَا احتوشته من الهموم الدنيوية ذواتُ الآصار، فليعلم أنه ليس له ثَمَّ رابطة علوية، ولا نصيب من المحبة ولا المحبوبية، فليبك على نفسه، ولا يرض منها إلا بنصيب من قرب ربه وأُنسه. فإذا خلصت لله تلك الساعة؛ أمكن إيقاع الصلوات الخمس على نمطها من الحضور والخشية والهيبة للرب العظيم في السجود والركوع، فلا ينبغي أن نبخل على أنفسنا في اليوم والليلة من أربع وعشرين ساعة، بساعة لله الواحد القهار، نعبده فيها حق عبادته، ثم نجتهد على إيقاع الصلوات على ذلك النهج)
وصدق القائل
أحيانا أكون كالملاك ملازما للعبودية
وأحيانا كالحيوان أحيا على الطعام.
اللهم إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. آمين
و أبغض الحرام إلى الله الشرك.. أو عبادة غير الله.
و الشرك ليس فقط عبادة الأصنام فهذا لون قديم ساذج من الشرك انتهى أمره.
و الأصنام الآن هي غير ( اللات ) و ( العزى ) و ( هبل ).
و أخطر الأصنام هي الأصنام المجردة و هي ما يعبد الآن في كل مكان.
أن تتخذ نفسك صنما.. أن تعبد رأيك و هواك و مصلحتك فلا يشغلك إلا نفسك.
(( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ.. (23) )) [ الجاثية ]
و هذا هو إله اليوم الذي يُحرق له البخور و تُقدم له القرابين من دم الآخرين.
و سوف نعود إلى ميزان الحرام و الحلال.. و نقول: و ما الضرر ؟ ما الضرر في أن يعبد الإنسان نفسه و لا يرى غير مصلحته ؟
و الضرر واضح بيّن.. فلن تكون حياة مثل هذا الإنسان حياة.
سوف يقضي حياته في سجن من المرايا كلما تطلع إلى جدار لم ير فيه إلا صورته.
سوف يكذب و يسرق و يقتل و يستغل.. و لن تصل إلى أذنيه آلام الآخرين لأنه لا يرى إلا نفسه و ما يكسب و ما يربح و ما يرفع من عقار و ما يقتني من أرض و ما يكدس من مال.
سوف تصبح نفسه حجابا بينه و بين الله و حجابا بينه و بين الحقيقة، و حجابا بينه و بين العدل.
و عن مثل هؤلاء يقول القرآن:
(( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (9) )) [ يس ]
و ما السد الذي بين يديك و من خلفك و محيط بك لدرجة تحول بينك و بين الإبصار كأنه غشاوة.. إلا نفسك.
و يقول في سورة أخرى:
(( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) )) [ البلد ]
يقول لك.. (( و ما أدراك ما العقبة )) ليحضك على التساؤل و التفكير في تلك العقبة فأمرها يغمض عليك.. لأنها هي نفسك ذاتها.. و لا عقبة أمامك سوى نفسك و عليك أن تقتحمها لتستطيع أن تفعل أي خير فتفك رقبة من تستغل و تستعبد.. و لن تستطيع أن تفك رقبة من تستعبد إلا إذا فطنت إلى استعباد نفسك لك و فككت عنك أغلالها.. فلن تستطيع أن تحرر إنسانا إلا إذا بدأت فحررت نفسك أولاً.
و بعد ذلك سوف تجد أن أي خير سيصبح ممكنا.. سوف تستطيع أن تحب و تعطي و تجود و تمنح.
و لهذا تقرأ في القرآن:
(( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ.. (111) )) [ التوبة ]
(( فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ.. (54) )) [ البقرة ]
بمعنى فاهزموا أنفسكم و انتصروا عليها.
و في الإنجيل يقول المسيح بالمعنى نفسه:
(( من أراد أن يخلص نفسه يهلكها. و من يهلك نفسه من أجلي يجدها، لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله و خسر نفسه )).
و يقول الله لداود:
(( اقطع شهوتك و تحبب إلي بمعاداة نفسك.. ضعني بين عينيك و انظر إلي ببصر قلبك.. و أعلم أنه ما اطمأن عبد إلى نفسه إلا و كلته إليها فأهلكته )).
و يسأل داود ربه (( يارب كيف أصل إليك ؟ )) فيقول له ربه: (( اترك نفسك و تعال )).
و يقول الله لموسى:
(( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) )) [ طه ]
فلا يمكن الوقوف في حضرة الله إلا بخلع النفس و الجسد و خلع شواغل النفس و شواغل الجسد كشرط للوصول.
و لهذا كان الشرك الخفي الذي يمارسه الإنسان بعبادته نفسه هو منتهى الحرام و ذروة الخطيئة.. لأنه يحتوي على جميع الخطايا الأخرى في داخله و لأنه هلاك لا هلاك بعده.
و كل ما تعبد من دون الله شرك.. إذا كنت عبدا لنفسك و هواك و مصلحتك فأنت مشرك، و إذا كنت عبدا لعصبية العائلة أو القبيلة أو العنصر أو الجنس فأنت مشرك.. و إذا استعبدتك فكرة مجردة أو نظرية أفسدت عليك مسالك تفكيرك فأصبحت ترفض مناقشة أي فكرة أخرى فأنت راكع أمام صنم و إن كان صنماً مجرداً و منحوتاً من الفلسفة لا من المادة.
و لهذا اعتبر القرآن الشرك خطيئة لا تغتفر لأنه عمى للعين و البصيرة و العقل و شلل لجميع المدارك و توقف لنمو الروح و تعطيل لها في هجرتها إلى منبع نورها.
(( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء.. (48) )) [ النساء ]
لأن الشرك في الحقيقة أشبه بانقطاع الحبل السري الذي يفصم الصلة بين الجنين و مصدر حياته.. بين الإنسان و الله.
و ماذا يحدث لو أن زهرة عباد الشمس انصرفت عن الشمس و أعطت ظهرها لها و اتجهت إلى القمر مثلا.. إنها ببساطة تموت.. فالشمس هي مصدر حياتها.. و هي لا تعبد الشمس ذلاً.. و إنما لأن الشمس حياتها.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ.. (24) )) [ الأنفال ]
و العبادة حياة و استمداد للنور و الحق.
و الله أمر بالعبادة لأنه يعلم أن فيها حياتنا.. و لم يأمر بها تسلطاً و تجبراً و لمجرد فرض أوامر.
و لهذه الأسباب حرم الله الخمر و ما في حكمها من المسكرات و المغيبات لما فيها من أضرار.
و حرم القمار لما فيه من خسارة و تباغض و عدوان.
و حرم الزنا لأنه فوضى تختلط فيه الأنساب.. و تخضع فيه النفوس للنزوات و الشهوات و الأهواء.
و أحل الزواج لأنه تنظيم و نظام و مسئولية و سكينة قلب.
و حرم لحم الخنزير. و نحن نعلم الآن أن حيوان الخنزير هو مستودع فيروس الإنفلونزا و الدودة الشريطية، و أنه أغلظ أنواع البروتين و أشدها تعقيداً، و أنه يربي قساوة القلب.
و الله هو العقل الكلي المحيط و هو لا يضع سنة بلا سبب.
و لقد أقام التشريع و حرم الحرام و أحل الحلال و فرض العبادة.. محبة منه و رحمة.
و يجب ألا تفوتنا هذه الحقيقة لحظة واحدة.. فهي روح الناموس و قلب الشرائع.
و لذلك حرم الله السرقة و حرم القتل.
(( مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا.. (32) )) [ المائدة ]
لأن قتل الإنسان لأخيه الإنسان بلا ذنب هو خرق لجميع النواميس.. لهذا اعتبره الله قتلاً للناس جميعاً.
و حرم الانتحار.
(( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا.. (30) )) [ النساء ]
لأن الانتحار هو منتهى سوء الظن بالله و العمى عن رحمته و اليأس من عدالته و الخرق لنواميسه و الجهل بآخرته، و هو منتهى الظلم للنفس.
(( الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا (6) )) [ الفتح ]
و الله حرم الزنا لأنه ضرر.
و الكذب على الله غاية الإثم.
(( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا.. (21) )) [ الأنعام ]
فيكون إدعاء النبوة كذبا و التحريف في الكتب المقدسة زعما بأن آيات نزلت و هي لم تنزل.. هو منتهى الحرام.. لأنه الإضرار و التضليل للناس.
هذه هي الشريعة و هذه روحها.. إن الله أحل الطيبات و حرم الخبائث، و إذا تطهرت فطرتنا فسوف نحب لنفوسنا ما يحب لها الله بدون جهد و بدون مشقة.
و لهذا يزول التناقض في قلب المؤمن بين الله و شريعته و بين ما تمليه عاطفته الخاصة و يرغب فيه عقله.. فإذا بما يريده لنفسه هو ما يريده الله له.. و ما يتمناه لنفسه هو ما يتمناه الله له.
و لهذا يتوجه إبراهيم بالدعاء قائلاً:
(( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ.. (40) )) [ إبراهيم ]
فيطلب من الله ما يطلبه الله منه.
و هذا غاية الإيمان و الثقة و منتهى الحب للشريعة.. حتى لتصبح الشريعة و الرغبة شيئاً واحداً.
و لا تعود للإنسان رغبة سوى ما يرغب الله.
و هذا درب الذين وصلوا.
يقول الله في حديث قدسي:
(( عبدي اطعني أجعلك ربانياً يدك يدي و لسانك لساني و بصرك بصري و إرادتك إرادتي و رغبتك رغبتي )).
و هؤلاء هم الأنبياء و الأولياء و المقربون الذين أمدهم الله بأسباب علمه و قدرته.
من كتاب / القرآن .. محاولة لفهم عصري
الدكتور مصطفى محمود
عرض الرئيس السادات على سيدنا الشيخ الخطيب مشيخة الأزهر مرتين، فرفض، فطلب منه أن يرشح له أحدا، فرشح شيخ الإسلام الشيخ الإمام عبد الحليم محمود، فنعم المرشح والمرشح!
شاعر الرسول :
مسجد المحافظة في مدينة طنطا، حيث مثوى شيخنا، ومربي أرواحنا وقلوبنا، وقدوتنا في الطريق إلى ربنا، العلامة، المتفنن، الرباني، العارف، العابد، الزاهد، القدوة، شاعر الأولياء ، سيدنا الشيخ الإمام محمد خليل الخطيب، النيدي، الحسني، الحنفي، الأشعري، الجنيدي، الأزهري، المصري، الملقب بشاعر النبي صلى الله عليه وسلم، أحد أعيان المدرسة الشاذلية، وسيد من سادات الأولياء في الأمة المحمدية، عديم النظير في زمانه: زهدا وورعا وعلما وعملا وحالا وفضلا وحبا للجناب النبوي الشريف، عرضت عليه مشيخة الأزهر مرتين فأباها، ورشح غيره لها!
كان شيخ الإسلام العارف بالله الدكتور عبد الحليم محمود، وإمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي يتبركان به، ويكثران من زيارته، وهما من أقرانه!
قال لي الشيخ الشعراوي لما عرف أني من تلاميذه: لقد ربيت هناك على الأعتاب!
وقال عنه شيخ الإسلام الدكتور عبد الحليم محمود: زاملته في الأزهر، فما ظننت أنه عصى الله قط!
وكان الرئيس الراحل محمد أنور السادات يتشرف بزيارته في بيته بطنطا متخفيا، وأحيانا يأتيه في صورة رسمية، وكان يحمل له عصاه، وهو الذي بشره بانتصار الجيش المصري في حرب أكتوبر، برؤيا رأى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشره بذلك، وعنه نقلها سائر المشايخ!
وكان الدكتور إبراهيم بدران وزير الصحة الأسبق لا يأتي طنطا حتى يزوره أولا، ويقول: الشيخ الخطيب مفتاح طنطا!
وكان من أخص تلاميذه وأخلصهم السيد الوزير أحمد القصبي، محافظ الغربية الأسبق، ووزير الشؤون الاجتماعية، وهو والد السيد عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية الحالي!
وكان الشيخ محل إجماع من جميع الطوائف، حتى من كان على خلاف منهجه في التصوف، بسبب تعظيمه للسنة، ومقاومته للبدعة، وحكوا من كراماته أن الدكتور سعيد مؤسس الجمعية الشرعية في المحلة الكبرى كان يلقي درسا في المسجد، وينهى الناس عن تقبيل أيدي العلماء، فدخل الشيخ الخطيب في صحبة الوزير القصبي، فنهض الدكتور سعيد إلى يد الشيخ يقبلها، فلما سئل قال: رأيت رجلا تحفه الملائكة، وتغشاه الأنوار!
وللساده العلماء ثناء عظيم عليه، وتقريظ حسن لبعض كتبه، ومنهم الشيخ الباقوري، وشيخنا الإمام محمد زكي الدين إبراهيم، رائد العشيرة المحمدية، وغيرهم من الأعلام!
تحدث عنه كثيرا وعن كراماته الدكتور محمود جامع، الطبيب الشخصي للرئيس السادات، في كتابه الشهير(عرفت السادات)، وحياته رضي الله عنه حافلة بجلائل الأعمال، وقد تحدث عنها باستفاضة ولده الأكبر السيد أحمد الخطيب في كتابه(خمسون عاما مع شاعر النبي صلى الله عليه وسلم)، وهو كتاب ضخم، يقع في جزئين، لا يستغني عنه من أراد معرفة الشيخ معرفة تامة!
عاش الشيخ زاهدا في الدنيا، بعيدا عن الأضواء، راغبا فيما عند الله، مؤثرا الباقي على الفاني، فأتته الدنيا وهي راغمة تحت قدميه، وازدحم كبار رجال الدولة على بابه يرجون بركته، ويلتمسون دعاءه، ولم يبرح طنطا طول عمره، حتى وفاته، ولا سافر إعارة، ولا تولى إدارة، وكان يكثر في دعائه من قوله: اللهم أحيني مستورا، وأمتني مستورا، وابعثني مستورا، وأكرمني بلقائك مستورا!
وظني أن الله قد أجاب دعاءه هذا، وقد ألحقه بالوظيفة الزروقية، وجعله من تتمة الوظيفة!
وحدثني شيخنا الإمام محمد زكي الدين إبراهيم أن الأولياء ما بين مستور ومشهور، وأن شيخنا الخطيب كان من الأولياء المستورين، قال: وكان عرشيا، يرى من فوق العرش!
والشيخ رضي الله عنه بأشعاره التي تفيض محبة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ هو أحد أسباب تعلقي بالجناب النبوي الشريف، وشغفي بمديحه الذي هو رأس مالي، أليس هو القائل في رباعياته:
وقفت عليك يا مختار مدحي
وما بسوى مديحك كان فتحي
ونيلي كل ما أبغي وربحي
ويشرف إذ غدا فيك النظيم!
هويتك سيد الكونين طفلا
وما أبقى الهوى لسواك فضلا
وها أنا ذا أرجي منك فضلا
مجاورة يحققها الكريم!
وكان يصدر كتبه دائما بهذين البيتين:
رسول الله شاعرك الخطيب
له في جاهك الأمل الرحيب
ولن يشقى وأنت له حبيب
وفيك له من الشعر اليتيم!
وكان هذان البيتان يحفظهما سائر علماء الأزهر وطلابه، وكنت إذا أخبرت أحدا من كبار المسئولين في الأزهر أني من تلامذة الشيخ يبادرني بهذين البيتين، ويذكر لي كرامة أو حكاية أو موقفا معه ترك في نفسه أثرا، والحق أن الله تعالى كان يفتح لي به الأبواب المغلقة لأنه كان محل إجماع وتقدير!
وقد نسجت على منوال البيتين وأنا غلام فقلت:
رسول الله شاعرك الصغير
له في جاهك الأمل الكبير
ولن يشقى وأنت له نصير
وفيك له من الشعر الكثير!
ولما أنشدتهما بعض الصالحين قال لي: لا تقل على نفسك(الصغير)؛ فإن خادم الكبير كبير!
رضي الله عن شيخنا الخطيب، ونفعنا ببركاته في الدارين آمين!
إنها دولة العلماء الأولياء الذين جعل الله لهم هيبة في القلوب، وسطوة في النفوس،
- بعض المنكرين على شيخنا الخطيب، من الشباب المتهور؛ أراد أن يحرجه ببعض الأسئلة أمام الناس، فانتظر حتى فرغ من درسه، وأخذ يسأله ظنا منه بأن الشيخ سيعجز عن الجواب، فبادره الشيخ بقوله: "إذا قال لك رسول الله استقم؛ فلتستقم"، وكان الشاب قد رأى في هذه الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول له: استقم!
فبهت الشاب، وانخرط في بكاء عميق، وقبل يد الشيخ، وصار من كبار تلامذته!
- وحدثني السيد أحمد الخطيب أيضا؛ أن اللواء حسن إسماعيل أحد تلامذة الشيخ، كان يعمل في لندن في وظيفة عسكرية، فبلغه أن الشيخ الشعراوي جاء إلى لندن للعلاج، فذهب لزيارته، وكتب قصيدة في مدحه، وعزم على إهدائها إليه، فلما أنشده القصيدة وجد الشيخ معرضا عنه، فانصرف غاضبا، وفي اليوم الثاني وجد رسالة مسجلة على الهاتف من أحد مرافقي الشيخ الشعراوي تدعوه إلى زيارة الشيخ مرة أخرى، فلما دخل عليه بادره الشيخ بقوله: ما كنت أعرف أن الشيخ الخطيب يحبك لهذه الدرجة يا حسن، لقد رأيته يقظة يعاتبني فيك، ويقول: أعط حسنا ما يريد!
وهذه ثيابي التي على جسدي هدية لك، وخلع جلبابه، وأعطاه إياه!
قال السيد أحمد: كنا نقول: إن الشيخ الشعراوي وزير إعلام دولة الأولياء، فوضوه ليكون سفيرا للحديث عنهم، فأرسى علومهم، وشيد طريقهم، من طريق العلم!
الروايات لفضيلة الدكتور محمد ابراهيم العشماوي
- ومن أقوال شاعر الرسول شيخنا الخطيب رضى الله عنه
لا تجد المبتدعة في انفسهم حرجا منك إذا قلت أشبعني الطعام وشفاني الدواء الفلاني وقتل السم فلانا، فإذا قلت أخذ بيدي رسول الله أو نفعني الولي الفلاني. هاجوا عليك وماجوا وجن جنونهم ورموك بالخروج عن المله ولله در شيخ الإسلام الشيخ سلامة العزامي إذ ينقل عن العلامة الحنفي الشيخ عبد الغني النابلسي قوله(أنه لا منشأ لذلك إلا بغض كامن في قلوبهم لأولياء الله فانهم لا يجدون غضاضة في نسبة النفع للدواء والضرر للسم فإذا سمعوا نسبة ذلك لنبي الله أو وليه اشمأزت قلوبهم وعبست وجوههم وادعوا أنهم يحمون بذلك جناب التوحيد والتوحيد غني عن حمايته بهذا السلاح الذي لا يسلونه إلا علي الموحدين ,ولا يصولون به إلا علي أخلص المقربين . عياذا بالله عز وجل .
الإسلام جاء بالتوحيد، ولما كانت هناك قبور يعبد من فيها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسويتها، ولكن بناء مسجد بجوار القبر ليس من هذا التعظيم ولا العبادة؛ يعني لم نر إلى الآن في الأمة الإسلامية من يدعي أنه يعبد سيدنا الحسين أو حتى سيدنا محمد! فقد وقى الله الأمة الإسلامية من هذا.
يقول الإمام البيضاوي: فبناء المسجد بجوار القبر حسنٌ وفيه ثواب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات أبو بصير في (سِيف) البحر دفنوه وبنوا عليه مسجدا أخرجه موسى بن عقبة بسند صحيح، وموسى بن عقبة من رجال البخاري ومن الأئمة الكبار ومن أول أو من أوائل من ألَّف في السيرة، إذن حدث هذا على عهد النبي ولم ينكر.
قال تعالى {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً } ولم ينكر الله عليهم شيئا؛ فتبين من ذلك أن الله اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم أحسن ما يختار، فاختار لنبيه أن يكون قبره في مسجده، وليس وحده بل معه عمر وأبو بكر رضي الله تعالى عنهما، فدل هذا على أن هذا ليس خاصًا بالأنبياء بل والأولياء أيضًا.
إذن القرآن والسنة يجيز هذا، نحن لا نعرف إلا الكتاب والسنة، فما دام الكتاب قد أجاز والسنة أجازت فأحكام الشريعة تؤخذ منها، وعلى ذلك علماء الإسلام شرقًا وغربًا سلفًا وخلفا من طنجا إلى جاكرتا ومن غانا إلى فرغانا لا نعلم في ذلك مخالفًا إلا في القرون المتأخرة، والخير كل الخير في اتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف، فنحن نتبع السلف الصالح ابتداءًا من أبي بصير وانتهاءًا بقبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على ماهو الحال مما أجمعت عليه الأمة، فإذا قال أحدهم: فلان يقول غير ذلك وعلان يؤيده ... إلخ فلا شأن لنا بهؤلاء وإنما شأننا بالكتاب والسنة؛ ففي الكتاب {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ} وقد كانوا مؤمنين بالسياق والسباق {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً} مسجدًا يصلون فيه، وكذلك في السنة: أبو بصير بنوا عليه مسجدًا فأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم ولم يقل: اهدموا هذا المسجد.
فما الإشكال إذن؟! الإشكال هو في حديث البخاري والذي فهمه بعضهم فهمًا مقلوبًا حيث قال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبياءهم وأولياءهم مساجد) فالمسكين ظن مساجد يعني مسجد الأزهر ومسجد سيدنا الحسين! أبدًا، مساجد يعني يسجدون لها، فمسجد مصدر ميمي يصلح للدلالة على الزمان والمكان والحدث، والمصدر الميمي مادام يصلح للدلالة على المكان فحقيقته في المكان يعني موطن السجود، يعني القبر أتوا وسجدوا له أي جعلوا القبور مساجد أو بنوا أشياء يسجدون عليها يضعون رأسهم مثل الفاتيكان حيث تجد قبر بطرس عليه مساجد يسجدون عليها.
يعني إذن الجامع يطلق بإطلاقين: يطلق حقيقةً على السجود لمن في القبر، ومن فعل ذلك فقد كفر باتفاق الأمة، والحمد لله وقى الله الأمة الإسلامية من ذلك.
ويطلق على الجوامع لأنها أيضًا يسجد فيها، ولكن على سبيل المجاز حيث أطلقنا بعضها على كلها، وإطلاق البعض على الكل عبارة عن مجاز، وكذلك إطلاق الكل على البعض مجاز مثل {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ } يعني أناملهم {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ } فأطلق الجزء وأراد الكل وأطلق الجزء وأراد الكل، وهذا جميعه جائز، وإذا تردد اللفظ بين الحقيقة والمجاز حُمل على الحقيقة، إذن هنا مساجد معناها أن يسجدوا لمن في القبر لا أن يُبنى حول القبر مسجدا، هكذا فهم علماء الأمة منذ قرون طويلة.
الشيخ العيني والشيخ القسطلاني والشيخ ابن حجر كان ابن حجر شافعيًا والشيخ العيني كان حنفيًا وكانوا أئمة كبار يسكنون في هذه المناطق ويدرّسون في هذه المساجد؛ وكانوا فاهمين اللغة فاهمين الأصول فاهمين الحديث فاهمين القرآن فاهمين الأحكام ليسوا هم فقط بل العلماء من طنجا إلى جاكرتا من غانا إلى فرغانا.
ولم يفهم أحد يعني الفهم الثاني وهو أن هذه المساجد حرام إلا إذا كان طالبًا بليدًا لم يتعلم بعد، أو إمامًا من الأئمة ولكنه كان في أول حياته العلمية ثم يرجع بعد ذلك فالسيوطي ألَّف وهو عنده 17 سنة والنووي ألف صحيح مسلم وهو عنده 20 سنة، وعلى كل حال لم يقولوا ما فهمه بعضهم ولكن هم قد أخذوا كلمة من هنا وكلمة من هنا قمَّش يسمونه (التقميش) افرض أن بعضهم قال وبعضهم قال كلامًا آخر فلماذا أنت مصمم أن تُخرج الناس من الإسلام وتخرج الناس من الإيمان وتجعل المسلمين مشركين ويصدق عليك كلام ابن عمر فيما أخرجه البخاري في شأن الخوارج (يذهبون إلى آياتٍ أنزلها الله في المشركين فيجعلونها في المسلمين) كيف يكون وضعك يوم القيامة وماذا ستقول لربك؟!
فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، لم يقل كونوا من الصادقين لأن من الصادقين سهلة وفيها نصوص كثيرة، لا تكن مع الكذاب ولا تكن إلا مع الصادق.
فضيلة الإمام العلامة أ.د. #علي_جمعة (الشافعي)
أراد بعض الشباب من حي الجمالية بالقاهرة اختبار ولاية مولانا الشيخ صالح الجعفري فقرروا أن يضعوا أحدهم في تابوت ( نعش ) ويقوموا بإدخال النعش على الشيخ ليصلي عليه صلاة الجنازة وأثناء الصلاة عليه يقوم صاحبهم من النعش فيفزع الشيخ صالح ويتسبب في سخرية الناس من الشيخ لإحراجه وفزعه من الرجل وفعلوا ما خططوا له ودخلوا المسجد على الشيخ صالح وقالوا له: "يا مولانا عاوزينك تصلي على جنازة صاحبنا ده" فوافق الشيخ وقال لهم: "غسلوا الميت" قالوا: "يا شيخ غسلناه في البيت بتاعه" فقال: "غسلوووووه لقد مات صاحبكم الآن في النعش ....."
حكى عن الشيخ صالح الجعفرى -رضى الله عنه -أنه كان له تلميذ يحبه ويجله فقال له يوما لاسمعك شي لا يخطر لك على بال وكان من عادة الشيخ صالح أنه كان يذهب إلى مقام سيدنا الحسين ويسلم عليه فيسمع رد السلام من داخل المقام فذهب فى ذلك اليوم هو وتلميذه فألقى السلام على سيدنا الحسين وكان من عادته انه كان يقول له السلام عليك يابن بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته ففى هذه المرة لم يسمع رد السلام فلام نفسه وقال لعلى ارتكبت معصية ما فحجب عنى هذا الفضل فذهب فى اليوم التالى واخذ معه تلميذه فألق السلام على سيدنا الحسين فسمع رد السلام فقال للإمام الحسين لماذا لم ترد على فى الأمس فقال له الإمام الحسين انا قلت السلام عليك يابن بنت رسول الله فخصصتنى بالسلام وفى هذه اللحظة كان معى جدى رسول فاستحييت ان ارد السلام عليك ولو كنت قلت السلام عليكم كان جدى رسول الله رد عليك السلام ورددت انا
وانشدها فى قصيدته رضينا
رأيت المصطفي كالبدر يأتي...يزور حسينه حينا فحينا فزوروا مثله سبطاً سمياً...وكونوا مثل خير المرسلينا وقل يارب صل علي محمد...وآل محمد والمؤمنينا
ومن أقواله رضي الله عنه
اشغل نفسك بالله لا بخلقه فإنما خلقت له لا لهم ،
وإنما قوامك به لا بهم ، وإن مرجعك إليه لا إليهم ،
واذكره بلسانك ليطمئن قلبك ،
واشهده بقلبك ليستقيم لسانك ،
وتوكل عليه ولا تفوض أمرك إلا إليه ،
متى غاب عنك حتى تسأل عنه ،
ومتى غبت عنه حتى تفر منه
وهو يناديك ( ففروا إلى الله)
ما جئتكم واعِظًا ولا متغنيا بينكم للإسلام، ولكن جئت أُخاطِب عَدالتكُم فى إنصاف هذا الدِّين الذى يستحق منكم أن تدفعوا عنه ما لحق به من ظلم وتهم، يبرؤ منها وينكرها أشد الإنكار، بسبب تصرفات قلة من المنتسبين إليه، فهمته فهمًا قبيحًا، وقدمته للناس فى صورة دين دموى يعادى الإنسانية ويدمر الحضارات.
هذا الدين – كما تعلمون حضراتكم - دين مرتبط بالأديان السماوية برباط عضوى لا ينفصم؛ فنحن المسلمين نؤمن بأنَّ كلاً من التوراة والإنجيل والقرآن، هُدىً ونور للناس، وأن اللاحق منها مصدق للسابق، ولا يتم إيماننا بالقرآن ولا بمحمد إلا إذا آمنا بهذه الكتب السماوية وبموسى وعيسى وبمن قبلهم من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم، ونقرأ فى القرآن قوله تعالى:"إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (البقرة، آية 26)
وليس صحيحًا ما يقــال عن الإسلام من أنه دين قتال أو دين سيف، فلفظة «السيف» هذه ليست من ألفاظ القرآن ولم ترد فيه ولا مرة واحدة.. ويؤمن المسلمون بأن الله أرسل محمدًا رحمة للعالمين، وليس رحمة للمسلمين فحسب، بل أرسله الله رحمة للإنسان والحيوان والجماد والنبات، جاء فى القرآن الكريم "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وقال محمد عن نفسه: "أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة"، ومن يفهم تعاليم هذا النبى خارج إطار الرحمة العامة والسلام العالمي، فهو جاهل به وبتعاليمه ومسيئ إليه.
والإسلام لا يبيح قتال غير المسلم بسبب رفضه للإسلام أو لأى دين آخر، فالله كما خلق المؤمنين خلق غير المؤمنين أيضًا: ?هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {التغابن: }، وما خلق الله غير المؤمنين ليأمر بقتلهم واستئصالهم، فهذا عبث لا يليق بحكمة البشر، فضلًا عن الحكمة الإلهيَّة، وحريَّةُ العقيدة مكفولة فى القرآن بنص صريح، وذلك فى قوله تعالى: فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ? {الكهف: 29}. وقوله أيضًا: لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ{البقرة: 256}، وجاء فى الدستور الذى بعث به النبى صلى الله عليه وسلم إلى اليمن: «مَنْ كَرِهَ الْإِسْلَامَ مِنْ يَهُودِى وَنَصْرَانِيٍّ، فَإِنَّهُ لَا يُحَوَّلُ عَنْ دِينِهِ»، ولم يسجل التاريخ عن المسلمين فى البلاد التى حكموها حالة واحدة خيروا فيها أهل البلاد بين اعتناق الإسلام أو السيف، بل كانوا يُقِرُّون أهل هذه البلاد على أديانهم وعاداتهم وتقاليدهم، ولا يرون بأسًا من العيش بجوارهم والاختلاط بهم والتزاوج معهم.
والجهاد فى الإسلام ليس منحصرًا فى القتال الذى هو رد العدوان، بدليل أن الجهاد الأكبر فى الإسلام هو جهاد النفس والشيطان ونوازع الشر، ويدخل فى مفهوم الجهاد الشرعى كل جهد يبذل من أجل تحقيق مصالح الناس، وفى مقدمتها المجهود الذى يبذل من أجل مقاومة الفقر والجهل والمرض، وإغاثة المحتاج، وخدمة الفقراء والبؤساء ومساعدتهم، والإسلام لا يأمر المسلمين بالجهاد المسلح ولا يحضهم عليه إلا فى حالة رد العدوان، والتصدِّى للحروب التى يشنها عليهم أعداؤهم، فهنا يجب القتال للدفاع، وهذا النوع من الجهاد تقره كل الأديان والأعراف والحضارات. وليس صحيحًا، بل من الخطأ الفاحش ما يقال من أن الجهاد فى الإسلام هو حمل السلاح لقتال غير المسلمين وتعقبهم والقضاء عليهم، ومما يؤسف له أشد الأسف أن يُروَّج هذا الفهم الخاطئ والتفسير المغرض لنصوص القرآن والحديث للإساءة إلى الإسلام والمسلمين.
وشريعة الإسلام شريعة مؤسسة على مبادئ العدل والمساواة والحرية وحفظ كرامة الإنسان، وقد أعلن نبى الإسلام مبدأ المساواة بين الناس فى زمن لم يكن قد نضج فيه العقل البشرى لأن يستوعب فحوى هذا المبدأ أو يتصوره، لأنه لم يكن يعرف مجتمعًا غير مجتمع الطبقية والعبيد والسادة، ورغم ذلك أطلق محمد صلى الله عليه وسلم صرخته الخالدة : «النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمِشْطِ»، ولم تمض على وفاة النبى عشر سنوات حتى جاء الخليفة الثانى عمر بن الخطاب ليصرخ هو الآخر فى وجه أحد الولاة المسلمين، وهو يُعنِّفه: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا».
وهنا أقول لأبناء دينى من المسلمين أن يراعوا هذه القِيَم العُليَا لمجتمعاتهم التى يعيشون على أرضها، وأن يفيدوا منها فى تقديم صورة مماثلة، عن الإسلام وتعاليمه السمحة الجميلة، التى تحترم الآخر، بغض النظر عن دينه أو مِلَّته أو جنسه، وأن يكونوا على ذكر دائم لقوله تعالى:لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {سورة رقم60، الآية: 8}، وكم وددت لو أن كل مسلم يعيش فو أوروبا كتب هذه الآية فى لوحة جميلة ووضعها على مكتبه أو متجره، أو على شاشة هاتفه النقال، وتذكَّر فى كل حين، أنَّ البِرَّ الذى هو قِمَّة الأدب والإحسان مع الوالدين، مطلوب هو بعينه مع من يسالمنا ولا يقاتلنا، وأن القسط والعدل والوفاء هو خُلق المسلم مع أخيه فى الإسلام وأخيه فى الإنسانية سواء بسواء.
أمَّا المرأة فهى فى شريعة الإسلام شريكة الرجل فى الحقوق والواجبات، وبتعبير نبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»، ولا تظنوا أيُّهَا السَّادة أن بعض ما تعانيه المرأة الشرقيَّة من تهميش هو بسبب تعاليم الإسلام، فهذا زعم باطل، والصحيح أن هذه المعاناة إنَّما لحقتها بسبب مخالفة تعاليم الإسلام الخاصة بالمرأة، وإيثار تقاليدَ عتيقة وأعراف بالية لا علاقة لها بالإسلام، وتقديم هذه التقاليد على الأحكام المتعلقة بالمرأة فى الشريعة الإسلامية وقد فقد المجتمع المسلم كثيرًا من طاقاته الخلاقة والإنتاجية حين سَمَحْنا – نحن المسلمين - بتهميش دور المرأة وإقصائها عن مواقع التأثير فى مجتمعاتنا الشرقية.
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
الطيب ابن الطيبين من عبــاد الله الفـــطنا. .الذين طلقوا الدنيا وخافـوا الفتنا
ولد الشيخ أحمد الطيب بالمراشدة في دشنا بقنا جنوب مصر، من أسرة ينتهي نسبها إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .
- راتبه :
لم يتقاضى الشيخ الفاضل مليما واحدا من الدولة منذ أن صار شيخا للأزهر حفظه الله ..
جميع الهدايا والهبات التي تهدى إليه يهبها للأزهر منذ أن صار شيخا له حفظه الله .
- درجاته العلمية :
الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر منذ 19 مارس 2010حتى الآن, الرئيس السابق لجامعة الأزهر ,مفتى سابق للديار المصرية , وهو أستاذ في العقيدة الإسلامية بجامعة الازهر ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة, محاضرا بفرنسا , ولديه مؤلفات عديدة في الفقه والشريعة وفي التصوف الإسلامي
- الجامعات التي عمل بها :
جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض.
جامعة قطر.
جامعة الإمارات.
الجامعة الإسلامية العالمية- إسلام آباد- باكستان.
حفظه الله ورعاه
زفاف إمام الدعاة مولانا الشيخ محمد متولي الشعراوي رضى الله عنه إلى الجنة.
على لسان ابنه عبدالرحيم الشعراوي.
- قبل وفاة مولانا ب ١٨ يوم انقطع عن العالم الخارجي من اتصالات وغيرها واقتصر على صحبة الأهل انا واخواتي واولادنا وكنا نقعد نتكلم ونتحدث ونضحك ونعيد شريط الذكريات الجميلة مع كون مولانا لا يأكل وكل ما نجيب اكل يقول لسه واكل سبحان الله.
- '' ﻳﻮﻡ ﺍﻻﺣﺪ ١٤/٦ '' ( ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﻓﺎﻩ ﺏ ٣ ﺍﻳﺎﻡ )
وفاء بنت الحاج ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ذهبت لابيها لتخبره ان جدها يريده فسألها والدها قاللك ايه فقالت
ﺍﻥ جدي ﺳﺄلني أبوكي ﻓﻴﻦ ﻗلتله ﻓﻮﻕ ﻗللي ﻗﻮﻟﻲ ﻷﺑﻮﻛﻲ ﻳﺠﻬﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻗلت ﺣﺎﺿﺮ.. رجع سألني جدي ﻫﻮ ﺍﻟـنـﻬﺎﺭﺩﺓ ﻛﺎﻡ في الشهر ﻗلتله ١٤.. ﻓﻌﺪ ﻋﻠﻲ ﺍﻳﺪﻩ.. ١٤.. ١٥.. ١٦
ﻳﺎﺍﺍﻩ ١٧.. ﻷ.. ﻗﻮﻟﻴﻠﻪ ﺟﻬﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ ،،ﺟت أﻤﺸﻲ ندى عليا ورجع سألني ﺍﻟﻨﻬﺎﺭﺩﺓ ﺍﻳﻪ ﻓﻲ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﻗلتله ﺍﻻﺣﺪ ﻗﺎل ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻻﺗﻨﻴﻦ ﺍﻟﺜﻼﺕ ﺍﻭﻭﻩ ﻷ ﻗﻮﻟﻴﻠﻪ ﻳﺎ ﺑﻨﺘﻲﺑﺴﺮﻋﺔ .
ﻓفهم ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ مراد والده بأن الأجل قد حان فنزل الي والده ودخل عليه فوجد والده جالسا على السرير ومنزل رجله فزرفت عيناه بالدموع فقال له مولانا رضى الله عنه من اولها كده انت أد المسؤلية ولا مش أد المسؤلية ربنا هيعينك إن شاء الله .آه فهمتني يا ولا.. الحمد لله انا بقولك عشان انت اللي هتتحمل وعشان متتفجأش وتكون رابط الجأش.
يقول عبد الرحيم الدنيا اسودت في عيني ومبقتش شايف جنبي.
'' ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺘﻼﺕ '' ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺑﻴﻮﻡ
ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ١٢ بالليل مولانا قال لولده عبد الرحيم ﻋﺎﻳﺰ ﺍﺳﺘﺤﻤﻲ ﻓﺪﺧﻠﻮﻩ ﻗﺎﻟﻬﻢ ﺍﻧﺎ ﻋﺎﻳﺰﺓ ﻟﻴﻔﺔ ﺧﺸﻨﺔ ﻭ ﺗﺪﻋﻜﻮﺍ ﺟﺴﻤﻲ ﺟﺎﻣﺪ ﻭ ﻫﺎﺗﻮﻟﻲ ﻟﺒﺲ ﺟﺪﻳﺪ ﺧﺎﻟﺺﻭ ﺟﻼﺑﻴﻪ ﺑﻴﻀﺎ ﺟﺪﻳﺪﺓ.
ﻭ ﻟﻤﺎ ﺧﺮﺝ ﻗﺎﻝ ل غادة بنت بنته ﺍﻋﻤﻠﻴﻠﻲ ﺿﻮﺍﻓﺮﻱ ﺑﻘﻲﻭ ﺳﻮﻳﻬﻢ ﻭ ﻗﺎﻝ ﻷﺑﻨﻪ ﻭ ﺍﻧﺖ ﻇﺒﻄﻠﻲ ﺩﻗﻨﻲ ﺑﻘﻲ .. ﻓﺄﺑﻨﻪ ﺑﻴﻬﺰﺭ ﻣﻌﺎﻩ وﺑﻴﻘﻮﻟﻪ ﻫﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺮﻳﺲ ﻭﻻ ﺍﻳﻪ ﻓﻘﺎﻝ '' ﺍﻳﻮﻩ ﺻﺢ ﻛﺪﺓ ﺍﻧﺎ ﻋﺮﻳﺲ ''
- ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ٣ ﺍﻟﻔﺠﺮ، ﻓﺠﺄﺓ ﻗﺎﻝ ﻟﻮﻻﺩﻩ ﻭﺍﺣﻔﺎﺩﻩ ﺍﻃﻠﻌﻮﺍ ﺑﺮﺓ ﺑﻘﻲ ﻭ ﺳﻴﺒﻮﻧﻲ ﺷﻮﻳﺔ ﻣﻊ ﺭﺑﻨﺎ ﻓﺎﻟﺮﺟﺎﻟﻪ ﻃﻠﻌﻮﺍ ﺍﻟﺸﻘﻖ ﻓﻮﻕ ﻭ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﻗﻌﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺗﺤﺖ. يوم الوفاه ﺍﻻﺭﺑﻌﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ٦ ﻭ ﻧﺺ ﺍﻟﺼﺒﺢ'' ﻓﺠﺄﺓ ﺍﺑﻨﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺻﺤﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻭ ﺧﺮﺝ ﻟﻘﻲ اخواته كمان صحيوا والجميع قعد بصحبة مولانا وهو جالس على سريره ومنزل رجليه
ﻓﻘﻌﺪﻭﺍ ﻳﻬﺰﺭﻭﺍ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻭ ﻳﻔﺘﻜﺮﻭﺍ ﺫﻛﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ﻭ ﻓﺠﺄﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻟﻢ ﺭﺟﻠﻪ و ﻃﻠﻌﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﺮﻳﺮ ﻭ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ وبينظر ﻓﻮﻕ ﻭ ﻗﺎﻝ ﺍﻫﻼ ﻭﺳﻬﻼ ﺳﻴﺪﻱ احمد اهلا وسهلا سيديﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻫﻼ وسهلا ﺳﺘﻲ ﺯﻳﻨﺐ ﺍﻫﻼ وسهلا ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ... انا جايلكوا انا أستاهل كده
ﻭ ﻓﺠﺄﺓ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻧﺎ ﺍﺳﺘﺎﻫﻞ كده !! ؟؟
ﺍﺷﻬﺪ ﺍﻥ ﻻ ﺍﻟﻪ ﺍﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺍﺷﻬﺪ أنك سيدنا ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﺗﻮﻓﻲ رضى الله عنه كما قال في يوم الأربعاء ١٧/٦/١٩٩٨ عن عمر ٨٧ عام ..❤️❤️❤️
حكاية الشيخ الشعراوى مع ستنا السيدة زينب رضى الله عنها:
قال الشيخ:أنا جاورت ستنا زينب سبع سنوات من سنه 1936 إلى سنه 1942...
كنت أسكن فى شارع البرنس عزيز عند قلعه الكبش فى حى السيده زينب
وكنت وقتها طالبا وحدث وانا أستعد لدخول الإمتحان فى الشهاده العاليه أننى مرضت وأشتد بى المرض ولم أدخل الإمتحان
فاتنى الإمتحان فى الدور الاول وفاتنى فى الدور الثانى أيضا وزعلت وحزنت لاننى كنت مجتهدا
وذهبت للسيدة زينب وقلتلها :إحنا ساكنين جنبك وبنصلى عندك وفاتنا الإمتحان فى الدور الأول والدور الثانى وضاعت السنه وخاصمتها
ولم أعد أصلى فى مسجدها كنت أصلى فى زاويه أسمها زاويه الحبيبه
وفى تلك الأيام كان لى صديق من العارفين بالله اسمه الشيخ محمد عبد الفتاح كان أستاذا فى كليه الشريعه وفوجئت به يحضر لزيارتى فى ليله المولد ..مولد ستنا زينب وكانت الليله هى الليله الكبيره
وقال لى وكانه يأمرنى قوم يا وله
قوم البس هدومك. فسألته ليه ؟..وعلى فين حنروح؟
قال:قلت لك قوم ألبس هدومك
فقلت :خير حنروحوا فين ؟
قال:حاروح أصالحك على الست على ستنا زينب
واندهشت! كيف عرف أننى زعلان من الست؟!
كيف عرف أننى خاصمتها؟!
وفعلا أخذنى ورحنا للست رحنا للسيده زينب
دخلنا المسجد وصلينا ركعتين وزرنا الست وسلمنا عليها وقعدنا وصلينا العشاء
وقضينا الليل فى المسجد وعند الفجر عدنا للبيت لكى ننام ونستريح شويه
فى البيت نام الشيخ عبد الفتاح على السرير ونمت أنا على الكنبه فى الصاله
لم يمض وقت طويل حتى سمعت طرقات على الباب ايقظتنى من رؤيا جميله
من يكون هذا الذى يجىء فى هذا الوقت
وقمت وفتحت الباب فوجدت والدى جاء من البلد ومعه الزواده بتاعتنا
وقلت له وانا أرحب به وأحمل عنه القفه وأفسح له الطريق أنت صحتنى من رؤيه حلوه
كنت فعلا فى رؤيا جميله عندما أيقظتنى خبطات والدى على الباب
فسألنى والدى باهتمام :رؤيه إيه يا وله.. قلت:رؤيه الست...ستنا
فسألنى باهتمام أكبر ويده على كتفى تهزنى
أنت شفتها يا وله ؟وكان وجهها عريان والا متغطى بطرحه؟
قلت له :ايه عريان ؟وايه متغطى؟
قال وهو يعيد السؤال :
كان وجهها عريان ؟ولا متغطى ؟
قلت :كان عريان
فاحتضنى وقبلنى
سألته:معناها ايه ان وجهها عريان يابويا؟
قال:معناها ان احنا من اهلها من محارمها يا وله ....من أهلها! وسألنى :وقالت لك ايه يا وله؟
قلت وانا أمسك بيده :تعال نتكلم فى الأوضه التانيه
فسألنى :مين اللى عندك هنا
قلت :الشيخ عبد الفتاح وهو نائم فى السرير ولا نريد أن نوقظه بكلامنا ودخلنا فى الأوضه التانيه
وقبل أن نتكلم فوجئت بالشيخ عبد الفتاح وقد استيقظ من نومه واخذ ينادينى ولم يكن قد عرف ان والدى قد جاء وسمعته يسألنى وهو فى السرير:
قالت لك ايه يا وله؟تعال هنا وقوللى
فقلت:قالت لى انت زعلان مننا ؟
وعاد يسألنى :وأبوك قال لك ايه؟
قلت :أبويا سألنى وشها كان عريان ولا متغطى بطرحه؟
قال:وقلت له ايه
قلت:عريان
قال:وأبوك قال لك ايه:
قلت :قال احنا من محارمها ..من أهلها
قال الشيخ عبد الفتاح:صدق ..صدق
وعاد الشيخ عبد الفتاح يسألنى :وستنا زينب قالت لك ايه يا وله؟
قلت:قالت لى انت زعلان مننا؟
ان كانت راحت من سنه هنعوضها لك بخمسه
فقال الشيخ عبد الفتاح :والخمسه دى تبقى ايه .ومعناها ايه؟
قلت:الله اعلم
ومضى الشيخ يقول :لم ادرك معنى عباره السيده زينب :هنعوضها لك بخمسه إلا بعد فتره
فقد حدث بعد ذلك أن تخرجت فى الأزهر واشتغلت موظفا بالدرجه السادسه وكان من المعمول به ان تتم الترقيات إلى الدرجات الخاليه ليس بالأقدميه فقط وانما هناك نسبه 25%منا لدرجات الخاليه تعطى بالاختيار للموظفين المجيدين فى أعمالهم وقد فوجئت بترقيتى من الدرجه السادسه إلى الدرجه الخامسه بالاختيار وليس بالأقدميه
ويومها تذكرت عباره السيده زينب سنعوضها لك بخمسه
ويومها ايضا استأذنت من عملى الزقازيق وجئت إلى القاهره لزياره الست
وقال الشيخ الشعراوى :هناك من لا يصدق مثل هذا الأشياء بل ويعتبر قائلها من المجاذيب أو المجانين وهؤلاء معذورون لانهم لم يروا شيئا
كتاب( الشعراوي ..أنا من سلالة آل البيت)
" يا إمام إني مريض". هكذا اشتكي رجل لمولانا الحسين رضى الله عنه.
فضحك سيدنا الحسين رضي الله عنه وقال له :"لست طبيبا" ، قال له الرجل : " إن مرضي دواءه عندك" ، قال الإمام الحسين وما مرضك؟" ، قال الرجل : "كلما تُبتُ من ذنب عدت إليه مرة أخرى ، فقال له الإمام الحسين رضي الله عنه :" تريد مني دواءاً أو أكثر ؟" .
قال الرجل : "هات ما عندك..." ، قال رضي الله عنه :"عندي لك خمسة أدوية، إن نفع الأول فبها ونعمة ، وإن لم ينفع فخذ الثاني إلى الثالث والرابع إلى الخامس " :
1-الدواء الأول:
قال له رضي الله عنه: "إن أردت أن تعصي الله فاعصه في ملك غير ملكه".
قال الرجل :"صعب علي هذا ، لأن كل من في السماء والأرض هو ملك لله"
2-الدواء الثاني:
قال له رضي الله عنه: "إن أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه ، كيف تتجرأ؟ أتأكل من رزق الله ثم تعصيه ؟"
قال الرجل :" هذه أصعب من الأولى ."
3-الدواء الثالث:
قال له رضي الله عنه: "إن ردت أن تعصي الله ...فاعصه في مكان لا يراك فيه"
قال الرجل :" أصعب أصعب أصعب بكثير"
4-الدواء الرابع:
ٍقال له رضي الله عنه: "إن أردت أن تعصي الله وجاءك ملك الموت فقل له أخرني حتى أتوب"
فرد الرجل :"مستحيل مستحيل ........."
5-الدواء الخامس:"إن أردت أن تعصي الله...وسألك يوم القيامة عبدي لم عصيتني؟ فأجبه:لم أعصك يارب "
فقال الرجل:عجباً......أأكون كذابا في الدنيا وأكذب على الله في الآخرة...أشهد الله أني قد تبت إليه توبة خالصة إلى يوم القيامة" .
رأس الإمام الحسين رضى الله عنه وأرضاه بمشهده بالقاهرة تحقيقًا مؤكدًا.
يُجمع المؤرخون، وكُتَّاب السيرة -سوى المتمسلفة- على أنَّ جسد الحسين رضى الله عنه دفن مكان مقتله في كربلاء، أمَّا الرأس الشريف فقد طافوا به حتَّى استقر بـ (عسقلان) الميناء الفلسطيني، على البحر الأبيض، قريبًا من مواني مصر وبيت المقدس.
وقد أيَّد وجود الرأس الشريف بـ (عسقلان)، ونقله منها إلى مصر جمهور كبير من المؤرخين والرواد، منهم: ابن مُيَسَّرٍ، والْقَلْقَشَنْدِي، وعليّ ابن أبي بكر الشهير بالسايح الهروي، وابن إياس، وسبط ابن الجوزي،والمقريزي وممن ذهب إلى دفن الرأس الشريف بمشهد القاهرة المؤرِّخ العظيم (عثمان مدوخ)؛ إذ قال: إن الرأس الشريف له ثلاثة مشاهد تزار: مشهد بدمشق دفن به الرأس أولًا، ثمَّ مشهد بعسقلان بلد على البحر الأبيض، نقل إليه الرأس من دمشق، ثمَّ نقل من عسقلان خشية من الصليبيين إلى المشهد القاهري لمصر بين خان الخليلي والجامع الأزهر، وتم الإجماع على أنَّ الرأس الطاهر وصل إلى القاهرة من عسقلان ودفن في مشهده الحالي في الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر على المشهور من العام التالي، وهو موعد الذكرى السنوية الكبرى بمصر للإمام الحسين رضى الله عنه.
«إنه سيأتي لك هنا» صلى الله عليه وسلم
يقول الشيخ الشعراوي في رواية نادرة له: «ذهبت - وأنا وزير للأوقاف وشؤون الأزهر - مع الشيخ عبد الحليم محمود رحمه الله -وكان شيخًا للأزهر آنذاك- لحضور مؤتمرٍ بلندن، وبعد يومين من المؤتمر قال لي الشيخ عبد الحليم محمود: «يا شيح شعراوي: نريد بعد أن ننتهي من هذا المأتم، نطلع نعمل عمرة علشان نجلي أنفسنا». فقلت له: «وما الذي يمنع أن نجلي أنفسنا ونحن هنا، أليس ربنا قال عندما أراد أن يوجهنا إلى الكعبة في الصلاة: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة: 115]»، فقال شيخ الأزهر - وهو يشير إلى حي قريب معروف في لندن بأنه حي الاستهتار والمجون-: «إننا نريد أن نجلي أنفسنا بعيدًا عن هذه المنطقة ذات الرائحة النتنة، غير الطيبة».
فقلت: «بالعكس؛ الذي يعبد الله في مثل هذه المنطقة غير الطيبة، النتنة، يشوف تجليات ربنا، ويأخذ كل فيوضات هذه المنطقة». فضحك الدكتور عبد الحليم محمود، وكانت ضحكته جميلة، وكلها وقار.
وليلتها -وعند الفجر- دق جرس تليفون غرفتي بالفندق الذي كنا قاطنين فيه، وكان المتحدث هو فضيلة الشيخ عبد الحليم محمود وقال لي فرِحًا: «يا شيخ شعراوي؛ أنا رأيت الليلة سيدَنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم».
فقلت له: «أنا مش قلت لفضيلتك أنه سيأتي لك هنا، وهذه فيوضات التعبد في المنطقة غير الطيبة، صاحبة الاستهتار.
- الصلاة النورانية (العارف بالله)الامام الأكبر الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود رضى الله عنه
اللهم صلى صلاة جلال وسلم سلام جمال على حضرة حبيبك سيدنا محمد وأغشه اللهم بنورك كما غشيته سحابة التجليات فنظر إلى وجهك الكريم وبحقيقة الحقائق كلم مولاه العظيم الذى أعاذه من كل سوء ... اللهم فرج كربنا كما وعدت " أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء " وعلى آله وصحبه أجمعين
#يقول الإمام عبد الحليم محمود
في فترة من الفترات ابتليت بموضوع شقَ على نفسى، وعلى نفس المحيطين بى، واستمر الابتلاء فترة كنا نلجأ فيها إلى الله، طالبين الفرج، وذات يوم أتى عندى بعض الصالحين، وكان على علم بهذا الابتلاء، وأعطانى ورقة كتبت فيها صيغة من صيغ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: اقرأها، واستغرق فيها وكررها منفردا بالليل؛ لعل الله يجعلها سببا في تفريج هذا البلاء؛ فاعتكفت في غرفة بعد صلاة العشاء، وأضأت نور الغرفة، وأمسكت الورقة بيدى وأخذت في تكرار الصيغة، واستغرقت فيها وإذ بى أرى فجأة أن الحروف التي كتبت بها الصيغة مضيئة تتلألأ نورا، ومع أن الغرفة كانت مضيئة فإن الحروف كانت تتلألأ نورا وسط هذا النور، ولم أصدق عينى، فوضعت الورقة أمامى، ووضعت يدى على عينى أدلكهما وأدعكهما، ثم فتحت عينى، فإذا بالحروف على ما هي عليه، تتلألأ نورا، وتشع سناء، فحمدت الله وعلمت أن أبواب الرحمة قد فتحت وأن هذا النور رمز لذلك، وفعلا أزال الله الكرب، وحقق الفرج بكرامة هذه الصيغة المباركة.
ما حكم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟
الصلاة في المساجد التي بها أضرحة الأولياء والصالحين صحيحةٌ ومشروعةٌ، بل إنها تصل إلى درجة الاستحباب، وذلك ثابت بالكتاب، والسُّنَّة، وفعل الصحابة، وإجماع الأمة الفعلي.
فمن القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21]، وسياق الآية يدل على أن القول الأول هو قول المشركين، وأن القول الثاني هو قول الموحِّدين، وقد حكى الله تعالى القولين دون إنكار؛ فدل ذلك على إمضاء الشريعة لهما، بل إن سياق قول الموحدين يفيد المدح؛ بدليل المقابلة بينه وبين قول المشركين المحفوف بالتشكيك، بينما جاء قول الموحدين قاطعًا وأن مرادهم ليس مجرد البناء بل المطلوب إنما هو المسجد.
قال الإمام الرازي في تفسير ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21]: [نعبد الله فيه، ونستبقي آثار أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد] اهـ.
وقال الشهاب الخفاجي في "حاشيته" على "تفسير البيضاوي": [في هذه دليل على اتخاذ المساجد على قبور الصالحين] اهـ.
ومن السُّنَّة: حديث أبي بصير رضي الله عنه، الذي رواه عبد الرزاق عن مَعمَر، وابن إسحاق في "السيرة"، وموسى بن عُقبة في "مغازيه" -وهي أصح المغازي كما يقول الإمام مالك- ثلاثتهم عن الزُّهرِي، عن عُروة بن الزُّبَير، عن المِسوَر بن مَخرَمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهم: "أن أبا جَندَلِ بن سُهَيل بن عمرو دفن أبا بَصِير رضي الله عنه لَمَّا مات وبنى على قبره مسجدًا بـ(سِيف البحر)، وذلك بمحضر ثلاثمائة من الصحابة". وهذا إسناد صحيح؛ كله أئمة ثقات، ومثل هذا الفعل لا يخفى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك فلم يَرِد أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر بإخراج القبر من المسجد أو نبشه.
كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «في مسجد الخَيفِ قَبرُ سبعين نبيًّا» أخرجه البزار والطبراني في المعجم الكبير، وقال الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار": [هو إسناد صحيح] اهـ.
وقد ثبت في الآثار أن سيدنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر رضي الله عنها قد دُفِنا في الحِجر من البيت الحرام، وهذا هو الذي ذكره ثقات المؤرخين واعتمده علماء السِّيَر؛ كابن إسحاق في "السيرة"، وابن جرير الطبري في "تاريخه"، والسهيلي في "الروض الأُنف"، وابن الجوزي في "المنتظم"، وابن الأثير في "الكامل"، والذهبي في "تاريخ الإسلام"، وابن كثير في "البداية والنهاية"، وغيرهم من مؤرخي الإسلام، وأقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ولم يأمر بنبش هذه القبور وإخراجها من مسجد الخيف أو من المسجد الحرام.
- وأما فعل الصحابة: فقد حكاه الإمام مالك في "الموطأ" بلاغًا صحيحًا عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: [فقال ناسٌ: يُدفَنُ عندَ المِنبَرِ، وقال آخَرُونَ: يُدفَنُ بالبَقِيعِ، فجاءَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه فقال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وآله وسلم يقولُ: «ما دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إلَّا في مَكانِه الذي تُوُفِّيَ فيه»، فحُفِرَ له فيه] اهـ، والمنبر من المسجد قطعًا، ولم ينكر أحد من الصحابة هذا الاقتراح، وإنما عدل عنه أبو بكر تطبيقًا لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يُدفَن حيث قُبِضَت روحه الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم؛ فدُفِن في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها المتصلة بالمسجد الذي يصلي فيه المسلمون، وهذا هو نفس وضع المساجد المتصلة بحجرات أضرحة الأولياء والصالحين في زماننا.
فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور علي جمعة (الشافعى)
مفتي الديار المصرية
يقول الإمام الرائد محمد زكي الدين إبراهيم رضى الله عنه
لاحظ بعضُ إخواننا أن قلة من كبار الناس أو صغارهم من ضيوف مصر، أو من مقلديهم بمصر يفضلون الصلاة بالجامع الأزهر على الصلاة بمسجد الإمام الحسين ؛ بحجة أنَّ الجامع الأزهر يفضل مسجد الحسين بأنه غير ملحق به ضريح ولا مقبرة، ونجيب إخواننا على هذا من وجوه مقنعة سبق أن أشرنا على بعضها فيما أسلفنا من كتابات حول هذا الموضوع.
فأمَّا أولاً : فإنَّ مسجد المدينة، وهو أحد ثلاثة مساجد تشد إليها الرحال شرعًا قد ألحق به قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوصية ثابتة منه صلى الله عليه وسلم في الصحاح، ثم بإجماع الصحابة على تنفيذ هذه الوصية، وهم أعلم الخلق بدين الله، ثم إقرار التابعين وتابعيهم في القرون الثلاثة المفضلة، ثم بموافقة الأمة كلها، حتى ذر قرن الفتنة في القرن السابع، ولا نقبل هنا دعوى الخصوصية برسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل أن هؤلاء الصحابة قد دفنوا معه صلى الله عليه وسلم أبا بكر، ثم دفنوا عمر، وغير معقول أن يتكرر منهم الخطأ الواحد ثلاث مرات دون أي نكير من فرد واحد منهم.
وبهذا تكون أدلة المنع منسوخة بالوصية النبوية، والسنة الصحابية، والإقرار التابعي، ثم بموافقة الأمة سلفا وخلفا مدة القرون السبعة الأولى، فلعل المنع إنما كان مما منع منه رسول الله صلى الله عليه وسلم سدا لذرائع الشرك في صدر الإسلام حتى إذا ما استقر الدين، وأرقت الحقائق نسخ هذا المنع بالإباحة كما حدث في زيارة القبور، حين منعت ثم أبيحت، ووجه الشبه والعلاقة واضح بين.
وأما ثانيًا : فقد ثبت في غير حديث معتمد أنَّ بالمسجد الحرام بمكة قبورًا لبعض الأنبياء، ما في ذلك شك، إلا من باب التشغيب أو التعصب المدخول بالجهل أو التزمت أو طلب الشهرة أو استدرار المال الحرام ( كما قلنا وكما سنقول ).
ولقد ذكر التاريخ أنَّ بالمسجد الأقصى قبورًا لبعض الأنبياء والصَّالحين، فإذا صحَّ هذا كما صح وجود قبور الأنبياء بالبيت الحرام، وكما أنَّ قبر النبي صلى الله عليه وسلم موجود بمسجد المدينة، فقد أصبحت المساجد الثلاثة المفضلة التي شرع الدين شدَّ الرحال إليها، مستوية من هذه الوجهة مع كل مسجد فيه قبر رجل صالح، فكما تصح الصلاة هناك تصح الصلاة هنا، وكما جاز الدفن هناك يجوز هنا، إذ لا خصوصية ولا استثناء، وبهذا يتضح أنَّ الأمر أهون بكثير جدًا مما صوره المغرضون.
ووجه ثالث : وهو أنَّ أحاديث المنع ما لم تكن منسوخة بما قررناه في " أولا " فهي مؤولة على الأقل، وتأويلها هنا واجب، لئلا تتناقض السنة ويضطرب الدين، أو هي مجموع بينها بوجه من الوجوه، فلا يبتدع المتمسلفة فيها أحكاما كلها دخل، وعندئذ لا تكون فتنة، كما صيرها أهل الأهواء والعمى.
أما الوجه الرابع : فإنَّ الجامع الأزهر نفسه يحتوي عددًا من القبور والأضرحة لا يخصصه بهذه الميزة، إن جاز أن تسمي كذلك، ففي الجامع الأزهر قبر السيدة نفيسة البكرية الصديقية، حفيدة السيد مصطفى البكري، وقبرها معروف بزاوية زينب هانم، وقد دفنت معها السيدة أمينة الشهابية، إحدى الصالحات من أبناء أحد مشاهير علماء هذا الوقت، ودفن معهما أيضا السيدة عائشة السطوحية، أو يقال لها الحصرية، بنت السيد عبد الكريم الإسماعيلي المعروف بابن بقية... إلخ.
وفي الجامع الأزهر قبر الأمير جوهر القنقبائي باني رواق الجوهرية من العلماء وهو خازندار الديوان الملكي الأشرفي، ويحسبه الناس خطأ قبر جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله، وبالجامع الأزهر قبر علاء الدين طيبرس منشئ زواية الطيبرسية المعروفة بالأزهر، وبالأزهر قبر الأمير عبد الرحمن كتخدا مجدد مباني الأزهر، وضريحه معروف بالرواق الذي أنشأه باسم رواق الصعايدة، وبالأزهر ضريح عبد الواحد آقبغا منشئ المدرسة الآقبغاوية " مكتبة الأزهر الآن.
وقد مرت القرون تلو القرون، ودهاقين العلماء، وأقطاب العارفين بالله، وغرانقة الفقه بالدين يتعبدون الله في الأزهر والحسين بالصلاة والدرس، مع وجود القبور، لا ينكر منهم أحد، ولا يؤذن بالفتنة والتشغيب ملتاث أو ملوث.
ومن هنا استحسن أهل العلم وجود القبر إلى جانب المسجد تبركًا بالعبادة وانتفاعًا بدعوات العابدين ومحافظة على القبر أن يندرس أو يمتهن، وتقريبًا للعبرة أو التذكرة ؛ إذ الفكرة الشركية بحمد الله قد انمحت من النفوس، ولم يبق للوثنية محل في عقول المسلمين، والحكم كما يقول الأصوليون يدور مع علته، ولا علة فلا حكم، ومن ثم فإنه لا يوشك أن يوجد مسجد واحد من المساجد المشهورة في أي بلد من بلاد الإسلام إلا كان بجواره قبر وضريح، وقد استوى في ذلك العلماء والحكام، كل بنيته، حتى كانت الأضرحة يوما هي السبب الأول في بناء المساجد، فأدت بذلك أجل خدمة للحضارة الإسلامية، وفنها المعماري بقدر ما أدت أجل الخدمات بانتشار المساجد الكبرى وبقائها إلى الآن، حافظة مظهر الإسلام، مذكرة به، دالة على عظمته، وبعد أن مر على المسلمين الآن ألف وثلاثمائة عام ونيف، لم يعبدوا فيها حجرا، ولا أشرك منهم موحد بقبر - والمنة لله - ليس من المعقول ولا من الديانة أن نقف عند هذه التوافه وصغريات الأمور لنشتغل بها عن كبريات الأحداث فنفيد عدو الإسلام ونخسر الإسلام نفسه.
سيقول قائل جاهل أو مقلد أو أجير : ألا ترى ما يأتيه الناس عند زيارة القبور والأضرحة ؟ أليس هذا هو الكفر والشرك ؟ فنقول حقًّا : هو في لغة الاتجار بالمتسلف، وفي لغة استدرار المال الحرام، وفي لغة الحجِّ المعلول والزيارة المزورة، وفي لغة الجهل والغفلة، وفي لغة الظهور بين الناس من طريق مخالفتهم والشذوذ عنهم، وفي لغة استجلاب الغنى على حساب الدين، نعم في لغة كل هذا شرك، ولكنه ليس كذلك في لغة الدين والعلم، فإنه فلسفة الدين والعلم تقول : إن تسمية خطأ الزائر شركًا تضليلٌ وتغييرٌ للحقائق، ونقلٌ للأحكام إلى غير مواضعها، ثم إنَّ تسمية الأشياء بغير أسمائها في دين الله كذب، ينبغي ألا يتصف به إلا الأراذل الجرآء، وإلا أشباه القرود والببغاوات من الأناسي المقلدة، وإلا كل نفعي وصولي يزدلف الناس ولا يخشى الله.
حب رسول الله وآل بيته وأولياء الله الصالحين :
حب رسول الله فطرة الله التي فطر الناس عليها .. أما يفعله الخوارج من تحويل مسار المسلمين عن قِبلة الحب والارواح و صرف قلوبهم عن محبة سيدنا رسول الله وإظهار الجفاء والقسوة له بدلا من محبته ومعرفة عظم قدره والتأدب في حضرته الشريفة .. هذا هو خلاف الفطرة ، هذه نزعة شيطانية في نفوس هؤلاء ، ولا عجب في ذلك اذا كان هذا معتقدهم عن سيدنا رسول الله ،أنه ميت لا ينفع ولا فائدة له وإنتهت فائدته بتبليغ الدعوة فقط .. وحاشاه رسول الله أن يكون كذلك ، فهو صلي الله عليه وسلم حي بيننا وحبه قائم بين أضلعنا .. رسول الله حي في روضته ينظر في صحائف أعمال أمته ويستغفر لهم ويرد عليهم السلام ... بأبي أنت وأمي ونفسي يا سيدي يا رسول الله .. طبت حيا وميتا يا خير خلق الله .. يا صاحب الهدي و الشفاعة .